تداول سوق مرجعية للأسواق الناشئة

شهدت سوق الأسهم السعودي "أداء" مغاير للأسواق العالمية في الأشهر الأخيرة مع ضعف متواصل في أحجام التداول كان ذلك تحديدا منذ مايو 2025 الماضي، حيث تواصل التراجع دافعا السوق نحو انخفاض يقترب من 14% بمقارنة مستويات الافتتاح للعام 2025 ومثل هذا النقطة الأدنى لتراجع السوق هذا العام حتى كتابة هذا المقال.
أثر هذا الضعف كذلك على شهية المتداولين في السوق بين البحث أسواق بديلة تحقق عوائد أفضل وبين اختيار أصول أخرى يحقق المستثمر منها عوائد أكثر أمانا بالمقارنة مع أسواق الأسهم خصوصا بعد الارتفاعات التاريخية لمعدلات أسعار الفائدة.
خلال فترة التراجع هذه أوصل الأداء السلبي إلى الطروحات الجديدة بعد أن كانت تمثل عائدا مرتفعا مباشرة بعد الإدراج فتأثرت الطروحات الجديدة إما بأداء باهت أو بالتراجع بعد الطرح مباشرة ولهذا أسباب متعددة مرتبطة بالسوق ولها ارتباط وثيق بمدير الاكتتاب والمستشارين عند التقييم والطرح.
ففي الظروف الجيدة كان السوق يحتفل بأي ادراج بشكل يمثل عائد شبه مضمون ومتكرر بنسبة تتجاوز 40% لكل إدراج جديد كان ذلك معدل سائد في 2024 وطروحات 2025 لما قبل شهر مايو حيث انعكست الصورة. هذا الأداء الإيجابي للطروحات الحديثة حفز الكثير من المؤسسات على المشاركة اغتنام لما يتيحه سوق الطروحات من مكاسب، بنية على ذلك إستراتيجيات وانشأت صناديق تستهدف المشاركة في الاكتتابات الجديدة والبعض استهدف مرحلة ما قبل الاكتتاب كذلك لضمان الحصة وتعزيز العائد.
ما حدث مع الاكتتابات الجديدة يظهر الحاجة إلى إعادة النظر في سبل التقييم من ناحية المصرفية الاستثمارية وأيضا إعادة النظر من المشاركين بأن يكونوا أكثر انتقائية وهذا ما اظهره سلوك المستثمرين في الاكتتابات الأخيرة بعد أن فشل عدد منها وتم إلغاءها، هذا سلوك صحي ومحمود مع التطور المعرفي لجمهور المستثمرين.
أيا كان اتجاه السوق فهو مؤقت لأن طبيعة الأسواق التذبذب والتقلب ما عدا ذلك فلن تكون محل اهتمام أحد، إذا أظهرت سلوكا يماثل الحركة على شكل خط مستقيم، لأن ذلك هي طبيعية الأسواق المالية فإن مشرع السوق ومشغلة هيئة السوق المالية وتداول مستمرين في تنفيذ خططهم التطويرية لزيادة جاذبية السوق للمستثمرين وتعزيز عمقه.
كان لفكرة هيئة السوق المالية رفع القيود على المستثمرين الأجانب وإتاحته بشكل كامل لكافة شرائح المستثمرين أثر إيجابي من التصريح الأول حيث عوض السوق نصف الخسائر المحققة منذ بداية العام.
ثم أعلنت الهيئة استطلاع الرأي للعموم حول فتح السوق الرئيسية لعموم المستثمرين من الأجانب غير المقيمين هذا الإعلان جعل السوق أقرب إلى الإتاحة المطلقة وهذا على وجه العموم إيجابي للسوق ويعزز جاذبية السوق للمستثمر الأجنبي، فالقيود أيا كانت تضع العقبات أمامهم وتثني بعض المؤسسات عن الاستثمار ليس من منظور الجاذبية وإنما تأتي من منظور المخاطر في أغلب الأحيان.
ستستفيد السوق من الإتاحة الكاملة أولا بزيادة وزن السوق إلى المؤشرات الناشئة ما سيعزز دورة كسوق مرجعية لتلك المؤشرات بما يشبه بورصة هونق كونك، فزيادة وزن السوق تعزز من تدفق السيولة الاستثمارية الخاملة لتتماشى مع وزن السوق للمؤشرات، أيضا سيجعل الشركات السعودية ذات الفرصة في لفت الانتباه الاستثماري سواء الفاعل أو الخامل أقرب إلى المستثمرين.
كان التفاعل الأول لأصداء هذا القرار تجاه الأسهم الأكثر جاذبية كالبنوك، الطاقة والبتروكيماويات. إلا أنه في حقيقة الأمر جعل السوق متاحة للجميع سيعزز حجم التداول، عمق السوق، وزنه إلى الأسواق العالمية وفرصة أكبر لمشاركة المستثمرين النشطين العالميين في تداول وسيبقى التحدي للمشرع في الرقابة والمتابعة.

الرئيس التنفيذي للاستثمار BLME Capital

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي