تحديث نظم الدفع العابرة للحدود لمكافحة غسل الأموال

إن تحديث نظم الدفع العابرة للحدود والحد من الحواجز غير المقصودة أمام مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب بشكل متزايد يعني التركيز على الشفافية وقابلية التشغيل البيني والتنظيم القائم على المخاطر. ويسهم عمل صندوق النقد الدولي بشأن "ممرات الدفع الآمنة" في دعم ذلك من خلال مساعدة البلدان على بناء قنوات موثوقة وآمنة للتدفقات المالية المشروعة دون التأثر سلبا بالتكنولوجيا الجديدة.

واتضح من خلال مشروع تجريبي مع ساموا -أدى تخفيف المخاطر من خلاله إلى تعطيل تحويلات العاملين في الخارج- كيف يمكن للضمانات الوقائية الموجهة والتعاون مع مقدمي الخدمات الخاضعين لتنظيم أن يحافظا على إمكانية الوصول مع الحفاظ على النزاهة المالية دون تعطيل استخدام منصات الدفع الإلكتروني الجديدة.


تعلُّم الآلة


هناك عديد من البلدان التي تستثمر في تَعَلُّم الآلة، بتوجيه من صندوق النقد الدولي، لاكتشاف حالات الخلل في التدفقات المالية العابرة للحدود، في حين تُشدد بلدان أخرى عملية تنظيم مقدمي خدمات الأصول الافتراضية. وتستثمر الحكومات في قدراتها على تتبع تحويلات العملات المشفرة، وغالبا ما تستعين بشركات تحليل سلاسل الكتل الرقمية لهذا الهدف.

إن تحليل صندوق النقد الدولي للتدفقات العابرة للحدود والقواعد المُحَدَّثة لفرقة العمل المالي يعززان بعضهما بعضا. وإذا نُفِّذا بشكل متكامل، يمكن أن يساعدا على تحقيق الكفاءة الرقمية والنزاهة المالية معا. ولتحقيق ذلك، تجب مواءمة الأطر القانونية لتمكين الوصول إلى الأدلة الرقمية في الوقت المناسب مع الحفاظ على الإجراءات القانونية الواجبة.

ويجب كذلك تطوير نماذج الرقابة على البنوك والمؤسسات المالية غير المصرفية التي تقدم خدمات عابرة للحدود. وينبغي بناء علاقة شراكة بين الأجهزة التنظيمية وشركات التكنولوجيا المالية، كما ينبغي للانخراط في العمل المستدام متعدد الأطراف أن يعزز المدفوعات العابرة للحدود بحيث تتسم بالسرعة وانخفاض التكلفة والشفافية مع إتاحة إمكانية تتبعها، وأن ترتكز على معايير قابلية التشغيل البيني فضلا على احترام الخصوصية.

على الحكومات أن تمضي قُدُما. وهذا يعني الاستثمار في التكنولوجيا التنظيمية، مثل أنظمة مراقبة المعاملات المدعومة بالذكاء الاصطناعي وتحليل سلاسل الكتل الرقمية، ومنح الوكالات الأدوات والخبرات اللازمة لاكتشاف مخططات العملات المشفرة المعقدة والاحتيال بالهويات الاصطناعية. ويتعين على المؤسسات مواكبة تقدم المجرمين من خلال تعيين علماء بيانات وخبراء متخصصين في الجرائم المالية والاحتفاظ بهم.

ويجب إخضاع الأصول الافتراضية للتنظيم في إطار مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وينبغي لعلاقات الشراكة بين القطاعين العام والخاص أن تسهم في تطوير أدوات لاكتشاف المخاطر الناشئة، ويجب دعم المعايير العالمية التي تضعها فرقة العمل المالي ومجلس الاستقرار المالي باستثمارات قومية في أطر فعالة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

ولا بد من مراعاة الاتساق والتنسيق في التنفيذ. فالجهود المشتتة تترك ثغرات يستغلها المجرمون. إن تفوقهم التكنولوجي المتنامي على الحكومات يهدد بالتأثير سلبا في النزاهة المالية، وزعزعة استقرار الاقتصادات، وإضعاف المؤسسات الهشة أصلا، وتراجع ثقة الجمهور بالأنظمة التي تهدف إلى ضمان السلامة والإنصاف.

ومع تبني العصابات الإجرامية للتكنولوجيات الناشئة وتطويعها للتفوق على جهات إنفاذ القانون، فالتكلفة ليست مالية فحسب، بل هي هيكلية ونظامية. فالحكومات لا يسعها الانتظار. والمجرمون لن ينتظروا.


مستشار قانوني عام مساعد ورئيس قسم في إدارة الشؤون القانونية ـ صندوق النقد

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي