"الذكاء الاصطناعي" مهدد للوظائف وبوابة لنهضة إنتاجية تاريخية

"الذكاء الاصطناعي" مهدد للوظائف وبوابة لنهضة إنتاجية تاريخية

"الذكاء الاصطناعي" مهدد للوظائف وبوابة لنهضة إنتاجية تاريخية

يُظهر تاريخ الابتكارات التكنولوجية، الذي يعود إلى أكثر من 200 عام، أنه في حين شهدت بعض الصناعات تحولات جذرية، فإنها تسهم في النهاية بخلق وظائف جديدة وزيادة الإنتاجية. ولن تكون ثورة الذكاء الاصطناعي استثناء، وفقا لبنك جي بي مورجان.

في مذكرة حديثة، استعرض رئيس إستراتيجية الاستثمار في البنك الخاص وإدارة الثروات لدى "جي بي مورجان"، جيكوب مانويكيان، تجارب سابقة شكلت منعطفات تاريخية: من المحرك البخاري إلى الكهرباء وصولا إلى الحواسيب. جميعها أثارت مخاوف من البطالة الجماعية، لكنها في النهاية وفرت فرصا جديدة ودفعت عجلة النمو، حسب "فورتشن".

وقال مانوكيان: "نعتقد أن الذكاء الاصطناعي قد يتبع المسار نفسه: تغيير جذري في المهام، ثم نمو واسع في الإنتاجية".

فعلى سبيل المثال، أدت الآلات البخارية إلى خسارة الحائكين اليدويين نصف أجورهم بين عامي 1806 و1820، كما فقد سائقو القوارب وعربات النقل وظائفهم مع صعود القطارات. لكن بالمقابل، ارتفعت الحاجة إلى عمال المناجم وعمال صيانة السكك الحديدية ومتاجر المدن، مع زيادة الإنتاج وتراجع تكاليف النقل. المشهد تكرر مع الكهرباء والحواسيب، حيث انطلقت وظائف غير متوقعة وارتفع مستوى الإنتاجية بشكل ملحوظ.

مانويكيان أوضح أن وتيرة تأثير الابتكارات في الإنتاجية تتسارع بمرور الزمن، إذ استغرق الأمر 61 عاما بعد المحرك البخاري حتى تحقق قفزة إنتاجية، و32 عاما مع الكهرباء، ثم 15 عاما مع الحواسيب والإنترنت. أما الذكاء الاصطناعي، فيتوقع البنك أن يظهر أثره خلال أقل من 7 سنوات فقط.

تتناقض رؤية "جي بي مورجان" مع توقعات أكثر تشاؤما في أماكن أخرى. فقد حذر عالم الحاسوب جيفري هينتون، الحائز على جائزة نوبل ولقب "عراب الذكاء الاصطناعي"، من أن الذكاء الاصطناعي سيُسبب بطالة هائلة ويُثري قلة من الناس بينما سيزداد معظمهم فقرا.

كما توقع الرئيس التنفيذي لشركة "أنثروبيك"، داريو أمودي، أن يقضي الذكاء الاصطناعي على نحو نصف الوظائف المكتبية المبتدئة خلال 5 سنوات، ما قد يرفع البطالة إلى 20%. بالفعل، هناك مؤشرات ظهرت أخيرا، منها ارتفاع معدل البطالة بين خريجي الجامعات الجدد فوق المعدل العام لأول مرة منذ سنوات.

مع ذلك، يرى "جي بي مورجان" أن البشر ما زالوا يمتلكون عناصر تفوق على الآلة، مثل الحس السليم، والذكاء العاطفي، والقدرة على التكيّف والتعلم. كما أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يعوض نقص اليد العاملة الناتج عن الشيخوخة وتراجع معدلات الهجرة.

ويدعو مانويكيان إلى سياسات لتخفيف الأثر السلبي، مثل خفض أسعار الفائدة لتحفيز الطلب، وتشجيع برامج التدريب العملي، وإعادة تأهيل العمال عبر إدماجهم في وظائف جديدة مدعومة بالتقنية. وفي المقابل، من المتوقع أن تعيد الشركات استثمار وفوراتها الناتجة عن الذكاء الاصطناعي في قطاعات البرمجيات والبنية التحتية الرقمية، ما يفتح قنوات توظيف إضافية.

الأكثر قراءة