باب دوار يُدخل رئيسا ويُخرج آخر .. هل مستقبل المناصب القيادية في خطر؟

باب دوار يُدخل رئيسا ويُخرج آخر .. هل مستقبل المناصب القيادية في خطر؟
"رويترز"

يشهد معدل الدوران الوظيفي بين الرؤساء التنفيذيين في الولايات المتحدة ارتفاعا غير مسبوق هذا العام، وعلى نحو يعيد تشكيل مفهوم القيادة التنفيذية.

في يونيو الماضي، بلغ عدد الذين غادروا الشركات الأمريكية 207 رؤساء تنفيذيين، بزيادة 23% عن مايو، الذي بلغ عدد المغادرين فيه 168 رئيسا، وفقا لبيانات جديدة صادرة عن شركة "Challenger, Gray & Christmas" المتخصصة في توظيف الرؤساء التنفيذيين نقلتها مجلة "فورتشن".

بينما يُمثل هذا الرقم انخفاضا بنسبة 12% عن 234 رئيسا تنفيذيا غادروا في يونيو 2024، فإن النصف الأول من العام الجاري يُظهر تسارعا ملحوظا في وتيرة رحيل الرؤساء التنفيذيين، حيث غادر 1235 منهم مناصبهم، بزيادة 12% على أساس سنوي.

يعد هذا العدد من الرؤساء التنفيذيين الذين يغادرون مناصبهم خلال نصف عام هو أعلى إجمالي سنوي منذ أن بدأت الشركة في تتبع هذه البيانات عام 2002.

رئيس تنفيذي بدرجة "موظف مؤقت"

موجة رحيل الرؤساء التنفيذيين هذه ليست مجرد استثناء إحصائي، بحسب الشركة. فقد أصبحت الشركات تعتمد على الرؤساء التنفيذيين المؤقتين أكثر من أي وقت مضى، وأصبح تغير الرؤساء التنفيذيين سريعا وكأن المنصب "باب دوار" يخرج منه رئيس ويدخل آخر.

شيوع هذه الممارسة جعل المنصب الأعلى أجرا في الشركات أشبه بوظيفة في اقتصاد العمل المؤقت. فبحسب "Challenger, Gray & Christmas"، يشهد العام الجاري "صعود اقتصاد العمل المؤقت للرؤساء التنفيذيين".

ومنذ بداية العام حتى يونيو الماضي، تولى 33% من الرؤساء التنفيذيين الجدد مناصبهم بصفة مؤقتة، مقارنة بـ9% فقط خلال الفترة نفسها من العام الماضي.

يعود عديد من هؤلاء القادة، بمن فيهم المخضرمون الذين قادوا الشركات خلال جائحة كوفيد-19، لتوجيه الشركات وفقا لشروطهم الخاصة، مفضلين فترات عمل مرنة تعتمد على المشاريع بدلا من الالتزام بفترات طويلة تمتد لأعوام كما كان معتادا في السابق.

يرى آندي تشالنجر، خبير سوق العمل في الشركة المتخصصة في توظيف الرؤساء التنفيذيين، أن اختيار القائد المناسب لتحقيق النجاح على المدى الطويل أصبح أمرا صعبا "مع تزايد حالة عدم اليقين في الاقتصاد، وتغير قيم الشركات، وتأثير التعريفات الجمركية، واحتمال إلغاء القيود، وتطور سلوك المستهلك، والتطبيق السريع للتقنيات الجديدة مثل الذكاء الاصطناعي".

اقتصاد العمل المؤقت للرؤساء التنفيذيين لا يخلو من المخاطر

تُتيح الأدوار المؤقتة لكل من المؤسسات والمديرين التنفيذيين ميزة إستراتيجية، حيث تكتسب الشركات مرونة ورؤى جديدة بسرعة؛ بينما يكتسب المديرون التنفيذيون خبرة واسعة ويحافظون على مرونتهم.

لكن هناك مخاطر حقيقية لاتباع نهج العمل المؤقت في المناصب العليا. فقد تُعاني الفرق التي يقودها رئيس تنفيذي مؤقت صعوبات في بناء الثقة والتماسك على المدى الطويل والاستقرار الثقافي.

كذلك، من الممكن أن يؤدي دوران القيادة المتكرر إلى زعزعة الثقافة، وإضعاف الروح المعنوية، وزيادة استقالة الموظفين، خاصة إذا شعر الموظفون بأن أصواتهم غير مسموعة أو أن الأولويات في تغير مستمر.

يتناقض الارتفاع في تولي الرؤساء التنفيذيين مناصبهم مؤقتا مع تحول آخر، هو التراجع في نسبة تعيين النساء في منصب الرئيس التنفيذي، حيث تشكل النساء 25% فقط من التعيينات الجديدة هذا العام مقارنة بـ28% في العام الماضي.

الحكومي وغير الربحي الأعلى في معدل دوران الرؤساء التنفيذيين

يتصدر القطاعان الحكومي وغير الربحي القائمة في معدل دوران الرؤساء التنفيذيين، مع رحيل 256 رئيسا تنفيذيا حتى يونيو الماضي، بزيادة 1.6% عن النصف الأول من العام الماضي، الذي شهد رحيل 252 رئيسا تنفيذيا. شهد هذان القطاعان أعلى معدل دوران في كلا العامين.

يلي ذلك قطاع التكنولوجيا، الذي شهد رحيل 138 رئيسا تنفيذيا حتى يونيو، بزيادة 16% عن الفترة ذاتها من العام الماضي.

وشهد قطاع الرعاية الصحية والمنتجات مغادرة 121 رئيسا تنفيذيا، بزيادة 20% عن العام الماضي، بينما رحل عن قطاع المستشفيات 68 رئيسا تنفيذيا، بزيادة 3% على أساس سنوي.

بلغ عدد الرؤساء التنفيذيين الذين غادروا مناصبهم في الشركات المالية 76 رئيسا تنفيذيا حتى الآن، بزيادة 29% عن العام الماضي.

تعكس هذه الأرقام تغيّرات واسعة النطاق وحالة عدم يقين، في ظل التحوّلات التكنولوجية السريعة، والضغط على نماذج القيادة التقليدية، التي تحول منصب الرئيس التنفيذي إلى دور أكثر مرونة وتغيرا ومحدود المدة.

الأكثر قراءة