أداء فرنسا وإسبانيا يدفع اقتصاد منطقة اليورو لنمو غير متوقع
سجّل اقتصاد منطقة اليورو نمواً غير متوقّع خلال الربع الثاني، مستفيداً من أداء أفضل من المتوقع في كلّ من فرنسا وإسبانيا.
وارتفع الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة بنسبة 0.1%، وفقاً للبيانات التي نُشرت يوم الأربعاء. وكان اقتصاديون استطلعت "بلومبرغ" آراءهم قد توقّعوا تسجيل ركود.
ورغم أن هذه النتائج تشير إلى قدر من الصمود في التكتل الذي يضم 20 دولة في ظلّ حالة متزايدة من عدم اليقين، إلا أنها تُخفي انكماشات اقتصادية في كلّ من ألمانيا وإيطاليا، وهما أكبر وثالث أكبر اقتصادين في المنطقة، إلى جانب نمو أبطأ من المتوقع في هولندا.
أثر الحرب التجارية الأمريكية
يقدم التحديث الصادر هذا الأسبوع عن صحة اقتصاد الكتلة المكوّنة من 20 دولة لمحة عن الأضرار الأولية الناجمة عن محاولة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب إعادة رسم معالم التجارة العالمية. فقد أدت حالة عدم اليقين إلى تقليص الإنفاق والاستثمار، بينما فشلت محاولات استباق فرض الرسوم الجمركية.
وقد يوفر الاتفاق الذي تم التوصل إليه هذا الأسبوع بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بعض الاستقرار المطلوب لتحفيز النشاط الاقتصادي. إلا أن كثيراً من التفاصيل لا تزال بحاجة إلى إتمام، كما أن الاتفاق الذي ينص على فرض رسوم جمركية بنسبة 15% على معظم صادرات السلع الأوروبية تعرّض لانتقادات من جانب الشركات.
صعوبات ميرتس في ألمانيا
يعكس أداء ألمانيا، الذي جاء متماشياً مع توقعات الخبراء الاقتصاديين، التحديات التي يواجهها المستشار فريدريش ميرتس، الذي تولّى منصبه خلال هذا الربع.
يحاول ميرتس تجاوز سلسلة من الانتكاسات بدأت بفشل التصويت في البوندستاغ لدعم تحالفه، وتوجت هذا الشهر بمحاولة فاشلة لانتخاب ثلاثة قضاة جدد للمحكمة الدستورية. وقد تراجعت شعبيته بشكل حاد، فيما تستمر الخلافات داخل تحالفه بلا توقف.
تراجعت الاستثمارات في المعدات وقطاع البناء خلال الربع الثاني وسط حالة متزايدة من عدم اليقين، في حين ارتفعت النفقات الخاصة والعامة.
ضربة اقتصادية لميلوني
أما بالنسبة لإيطاليا، فإن الانكماش غير المتوقع بنسبة 0.1% –حيث كان الخبراء يتوقعون نمواً طفيفاً– يُعد ضربة لرئيسة الوزراء جورجا ميلوني، التي صرّح وزير ماليتها، جانكارلو جيورجيتي، في وقت سابق من هذا الشهر بأن إيطاليا في وضع جيد لتحقيق هدف النمو البالغ 0.6% لهذا العام وقد تتجاوزه.
ويمثل الحفاظ على الزخم الاقتصادي تحدياً لميلوني، التي تحاول في الوقت ذاته إرضاء الناخبين ومعالجة أوضاع المالية العامة المتضخمة في البلاد. وتشير توقعات الحكومة إلى أن الدين العام سيرتفع إلى 137.6% من الناتج المحلي الإجمالي العام المقبل قبل أن يبدأ في التراجع بحلول عام 2027. أما العجز كنسبة من الناتج فمن المتوقع أن ينخفض دون الحد الأقصى للاتحاد الأوروبي البالغ 3% في عام 2026.
نمو فرنسي مقلق
حتى الأداء الإيجابي في فرنسا، حيث تسارع النمو الاقتصادي بشكل غير متوقع في الربع الثاني، لم يخلُ من إشارات مقلقة، إذ جاء مدفوعاً بتراكم المخزونات، مما عوّض ضعف الطلب المحلي والتأثير السلبي للتجارة.
فقد ارتفع الناتج هناك بنسبة 0.3% خلال الربع الثاني من هذا العام، متجاوزاً توقعات الخبراء التي كانت تشير إلى نمو مماثل للنسبة المسجلة في الربع الأول والبالغة 0.1%.
تباين أداء دول المنطقة
ويأتي الأداء المختلط في فرنسا في ظل تباطؤ اقتصادي واسع في بقية أنحاء منطقة اليورو. فقد سجلت إسبانيا نمواً بنسبة 0.7% خلال الربع الثاني، بينما شهدت إيرلندا انكماشاً، وحققت ليتوانيا نمواً طفيفاً بنسبة 0.2%، وكل من هولندا والنمسا نمواً بنسبة 0.1% فقط.
وفي الوقت نفسه، تبقى معدلات التضخم تحت السيطرة. وقد سمح ذلك للبنك المركزي الأوروبي بالإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير للمرة الأولى منذ أكثر من عام، وقال صانعو السياسات إنهم الآن في مرحلة "الترقب والانتظار". ومن المتوقع أن تُظهر الأرقام المرتقبة يوم الجمعة قراءة بنسبة 1.9% لمنطقة اليورو في يوليو، رغم أن الرقم المسجل في إسبانيا بلغ 2.7%، وهو أعلى قليلاً من المتوقع.