هل بات الاتحاد الأوروبي تحت ضغط للتوصل إلى صفقة بعد اتفاق ترمب مع اليابان؟

هل بات الاتحاد الأوروبي تحت ضغط للتوصل إلى صفقة بعد اتفاق ترمب مع اليابان؟
"رويترز"

قبل أيام، كان الخبراء يتحدثون عن تضاؤل فرص التوصل إلى اتفاق تجاري بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، في ظل تعثر المفاوضات المعقدة بين الجانبين، بعد تصريح الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بأنه قد يفرض رسوما جمركية تصل إلى 30% على التكتل.

في ذلك الوقت، لم تكن الولايات المتحدة قد أبرمت بعد سوى اتفاقا تجاريا واحدا، وكان ذلك الاتفاق من نصيب المملكة المتحدة، إضافة إلى التوافق على تدابير مؤقتة مع الصين، خفض بموجبها كل طرف الرسوم الجمركية على وارداته من الآخر، دون أن ترقى هذه التدابير إلى الاتفاق التجاري.

تسارعت الأحداث مع اقتراب الموعد النهائي الذي حدده الرئيس الأمريكي دونالد ترمب لفرض رسوم جمركية ضخمة على الشركاء التجاريين في 1 أغسطس، ما لم يبرموا قبل ذلك الموعد اتفاقات مع الولايات المتحدة.

خلال 24 ساعة فقط، أعلن ترمب توقيع اتفاقات تجارية مع 3 دول، بينها اليابان، أكبر اقتصاد يبرم اتفاقا مع بلاده منذ إعلان الرسوم "المتبادلة" في أبريل الماضي، إضافة إلى اتفاقين آخرين مع إندونيسيا والفلبين. وقال ترمب أمس الأربعاء إن بلاده تعمل على استكمال اتفاق تجاري مع الصين.

وبينما يرى اقتصاديون أن هذه التطورات تفرض ضغوطا على الاتحاد الأوروبي للتوصل إلى اتفاق تجاري مع الولايات المتحدة، يجعله لا يغرد خارج السرب، يدفع آخرون بأن التكتل ما زال في يديه الكثير من أوراق اللعب.

ترمب يولي وجهه صوب أوروبا بعد الاتفاق مع اليابان

فور إبرام الاتفاق مع اليابان، خرج ترمب بتصريحات تشير إلى احتمال التوصل إلى مزيد من الاتفاقات "الضخمة"، بما في ذلك مع الاتحاد الأوروبي.

وقال الرئيس الأمريكي للصحفيين: "أوروبا ستأتي غدا، واليوم التالي، ولدينا آخرون كذلك سيأتون إلينا" دون أن يخوض في تفاصيل.

في المقابل، قال المتحدث باسم المفوضية الأوروبية إن المفوض الأوروبي للتجارة ماروش شيفتشوفيتش سيتحدث إلى وزير التجارة الأمريكي هاورد لوتنيك، مشيرا إلى أن "التركيز المبدئي ينصب على التوصل إلى نتائج عبر المفاوضات مع الولايات المتحدة".

أكد المتحدث أن الاتصالات مع الجانب الأمريكي "جارية بشكل مكثف على المستويين السياسي والفني"، وفقا لما نقلته عنه شبكة "سي.إن.بي.سي".

وفي حين قالت المفوضية الأوروبية اليوم الخميس إن التوصل إلى حل تجاري تفاوضي مع الولايات المتحدة في متناول اليد، صوّت أعضاء في الاتحاد الأوروبي بالموافقة على فرض رسوم جمركية مضادة على سلع أمريكية تصل قيمتها إلى 93 مليار يورو (109 مليارات دولار) حال انهيار المحادثات.

أوروبا تحت ضغط بعد الاتفاقات مع أمريكا

الدكتور علي الحازمي، الباحث والمحلل الاقتصادي السعودي، يرى بدوره أن الاتفاقيات بين الولايات المتحدة وأطراف أخرى كاليابان والمملكة المتحدة، "تشكل ضغوطا بلا شك على الاتحاد الأوروبي بشكل كبير، وتعطي قوة تفاوضية للولايات المتحدة ".

وقال لـ "الاقتصادية": "لاحظنا أخيرا أن الاتحاد الأوروبي بدأ يبحث عن شركاء، وشاهدنا كيف أعاد الأسبوع الماضي المفاوضات مع دول الخليج في إستراتيجية طويلة المدى".

في المقابل، يرى خبراء واقتصاديون في "دويتشه بنك" أن اتفاق اليابان "زاد بشدة الآمال في أن يكون الاتحاد الأوروبي قادرا هو الآخر على التوصل إلى اتفاق تجاري".

كاتسوهيكو آيبا، الخبير الاقتصادي في "سيتي"، قال بدوره لـ "سي.إن.بي.سي" إن تفاصيل الاتفاق الياباني عندما تضح أكثر قد يكون لها أثر في مفاوضات الاتحاد مع الولايات المتحدة.

ينظر الدكتور عبد الله السلوم، أستاذ المالية مساعد المالية في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، إلى الاتفاقيات التي وقعتها الولايات المتحدة حتى الآن مع شركاء على أنها "محفز لاستمرار التفاوض مع الدول الأخرى، أو سبب لأنها تتقبل أمورا، بمنطق شيء أفضل من لا شيء أو شيء أفضل من شيء آخر".

وقال لـ "الاقتصادية": "منذ البداية، كان حديث ترمب عن الرسوم الجمركية فيه أسلوب مختلف عن المعتاد في دبلوماسية التعاطي مع الدول وصيغ التجارة الحرة. اللغة التي طغى عليها بعض العقلاية بعد ذلك في خطاب الولايات المتحدة، عن أنها يمكن أن تتنازل بعض الشيء عن الرسوم المرتفعة، تجعل الاستراتيجية الأمريكية تؤخذ بوجهين: ضغط ثم تحفيز".

أوروبا تملك أدوات للرد إذا فشلت في التوصل لاتفاق

بينما سيواجه الاتحاد الأوروبي رسوما أمريكية ضخمة على صادراته إلى الولايات المتحدة إن لم يتوصل إلى اتفاق، فإن هذا لو حدث، قد يرد التكتل بإجراءات انتقامية.

وقال الحازمي لـ "الاقتصادية": "الاتحاد الأوروبي قوة اقتصادية لا يمكن أن يستهان بها. نعم هو لا يصل إلى مرحلة الند للند مع الولايات المتحدة؛ لكن على الأقل، لديه القدرة على إيجاد بدائل مع الشركاء شرقا وغربا، حتى يخفف وطأة هذه الرسوم، أو وطأة المفاوضات حول هذه الرسوم".

ليس آخر الإجراءات التي يمكن أن يرد بها الاتحاد الأوروبي إنهاء تعطيل الحزمة الأولى من الرسوم على بضائع أمريكية قيمتها 21 مليار يورو (حوالي 24.6 مليار دولار)، والذي من المفترض أن يظل ساريا حتى السادس من أغسطس المقبل.

كان أولوف جيل، كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي للتجارة، قال إن الاتحاد الأوروبي سيدمج حزمتين من إجراءات الرد على الرسوم الجمركية الأمريكية في حزمة واحدة "ستكون جاهزة للاستخدام" إذا فشلت المفاوضات مع إدارة ترمب.

اعتبر جيل أن دمج الحزمتين، الذي من شأن استهداف صادرات أمريكية موجهة إلى الاتحاد الأوروبي تصل قيمتها إلى 93 مليار يورو، هدفه "أن نجعل إجراءاتنا المضادة أوضح، وأبسط، وأقوى".

أمريكا ترمب ستكون "الرابح الأكبر" في جميع الأحوال

في ظل رغبة الاتحاد الأوروبي في إعفاءات أو رسوم منخفضة لبعض القطاعات الرئيسية، على غرار تلك التي حظيت بها اليابان على صادراتها من السيارات، يتوقع المحللون أن تقبل أوروبا برسوم جمركية أساسية مقابل هذه التخفيضات أو الإعفاءات، بحسب "سي.إن.بي.سي".

ويرى الدكتور عبد الله السلوم أن أمريكا "ستكون الرابح الأكبر في جميع الأحوال، حيث تحاول التقليل من خسائرها في ميزان التجاري. أما الاتحاد الأوروبي، فهناك مفاوضات قادمة بينه وبين الصين كذلك. هذه أيضا يمكن أن تشكل محفزا مضادا للولايات المتحدة".

وقال لـ "الاقتصادية": "يبدو لي أن الاتحاد الأوروبي مستعد للتوصل إلى اتفاق، لكنه ربما يريد شروطا أفضل، أي أقل نسبة من الرسوم الجمركية، خاصة فيما يتعلق بقطاعات معينة تحقق مصالحه، مثل قطاعات صناعات السيارات. التحول إلى الطاقة البديلة قد يكون عاملا مؤثرا أيضا".

وتُعد السيارات بين أكبر 3 صادرات من الاتحاد الأوروبي إلى الولايات المتحدة، وفقًا للمجلس الأوروبي.

الأكثر قراءة