تعزيز الجهود لجذب الاستثمارات
تشهد السعودية تحولًا اقتصاديًا غير مسبوق في ظل رؤية 2030، التي تهدف إلى تنويع القاعدة الاقتصادية وتقليل الاعتماد على النفط. وفي هذا الإطار، يبرز دور الاستثمارات المحلية والأجنبية كعامل حاسم في تحقيق هذه الرؤية.
ومع تزايد المنافسة العالمية لجذب رؤوس الأموال، أصبح من الضروري توحيد الجهود بين جميع الجهات المعنية لتعزيز البيئة الاستثمارية، وضمان تقديم صورة متكاملة عن الفرص الاستثمارية الواعدة في السعودية. أشار مجلس الشورى أخيرا إلى ضرورة أن تقوم وزارة الاستثمار بتطوير مبادرات لاستقطاب وتوطين رؤوس الأموال، مع التركيز على معالجة تقاطع الاختصاصات بين الجهات الحكومية، الذي قد يؤثر سلبًا في جاذبية البيئة الاستثمارية.
كما دعا المجلس إلى بناء خطة عمل متكاملة تواكب حدثًا عالميًا كإكسبو 2030، الذي سيشكل فرصة ذهبية لعرض إمكانات المملكة الاقتصادية أمام العالم. ومع وجود عديد من الجهات التي تروج للاستثمار كل في مجاله، مثل مشاركة السعودية ممثلة في وزارة الصناعة في معرض "INNOPROM 2025" الروسي، أو جهود هيئة المدن الصناعية في تعزيز الشراكات الدولية – تظهر الحاجة إلى توحيد هذه الجهود تحت مظلة واحدة، لتجنب التشتت وضمان تحقيق أقصى استفادة من الفرص المتاحة. لتحقيق التكامل بين مختلف المبادرات، يجب أن تتولى وزارة الاستثمار دور المنظم والمنسق الرئيسي، بحيث تكون هي المرجعية الموحدة لجميع الجهود الرامية إلى جذب الاستثمارات. بما يشمل تنسيق الحملات الترويجية بدلًا من ترويج كل وزارة أو هيئة للاستثمار في مجالها بشكل منفصل، يمكن لوزارة الاستثمار توحيد هذه الرسائل في إستراتيجية واحدة تظهر تنوع الفرص في المملكة، من الصناعة إلى الزراعة والسياحة، تسهيل الإجراءات من خلال معالجة تقاطع الاختصاصات بين الجهات الحكومية، ما يقلل من التعقيدات البيروقراطية التي قد تبدو غير جاذبة للمستثمرين، تسليط الضوء على الممكنات مثل البنية التحتية المتطورة، والمناطق الاقتصادية الخاصة، والمزايا الضريبية، إضافة إلى الثروات الطبيعية المتنوعة للمناطق الأقلّ نمواً من مانجو جيزان إلى زيتون الجوف وسمك القطيف .
لا يقتصر النجاح في جذب الاستثمارات على الجهود الحكومية فقط، بل يتطلب أيضًا مشاركة فاعلة من القطاع الخاص السعودي من خلال إشراك وزارة الاستثمار له. الاستفادة من الأحداث العالمية كالمعارض الصناعية منصات مثالية لعرض الإمكانات الاقتصادية للسعودية. ولكي تحقق هذه المشاركات النجاح المطلوب، يجب أن تكون مدعومة بحملات ترويجية مكثفة تظهر الاستقرار الاقتصادي والسياسي للسعودية.
التنوع في الفرص الاستثمارية بدءًا من المشاريع الكبرى وصولًا إلى المشاريع المتوسطة والصغيرة في القطاعات الواعدة. إن توحيد الجهود تحت مظلة وزارة الاستثمار، مع إشراك القطاع الخاص والاستفادة القصوى من الأحداث العالمية، سيمكن السعودية من تعزيز تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، التي بلغت 77 مليار ريال حتى الربع الرابع من 2024. وبذلك، نكون قد خطونا خطوة كبيرة نحو تحقيق مستهدفات رؤية 2030، التي تهدف إلى جعل السعودية وجهة استثمارية عالمية، قادرة على المنافسة في جميع المجالات من فندق في أحد المشاريع الكبرى إلى مطعم عالمي بملكية غير سعودية. الاستثمار ليس مجرد تدفق رؤوس أموال، بل هو جسر نحو التنمية المستدامة، وتعزيز المكانة العالمية للمملكة. فلنعمل معًا لجعل وطننا الوجهة الأولى للمستثمرين الطموحين.
كاتب اقتصادي ورجل أعمال.