بيانات السلع وارتفاع الصلب والحديد
أظهرت بيانات الإنتاج الصناعي وواردات السلع في الصين لشهر يونيو أرقامًا متباينة، ما يزيد من صعوبة الحصول على قراءة دقيقة لحالة ثاني أكبر اقتصاد في العالم. ويبدو أن إنتاج الصلب وواردات خام الحديد تُشيران إلى نتائج متباينة، حيث تراجعت أسعار الصلب في يونيو، بينما ارتفعت واردات هذه المادة الخام الرئيسية إلى أعلى مستوياتها هذا العام.
زاد إنتاج الفحم بنسبة 5% في الأشهر الستة الأولى من العام مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024، لكن توليد الطاقة الحرارية، الذي يعمل بشكل رئيسي بالفحم، انخفض بنسبة 2.4% في النصف الأول.
ارتفع إنتاج الألمنيوم بنسبة 3.4% في يونيو مقارنة بالعام السابق، وبنسبة 3.3% في النصف الأول، إلا أن مواد البناء مثل الأسمنت والزجاج انخفضت بنسبة 5% في يونيو. ومن العوامل التي تُفسر الإشارات المتضاربة ظاهريًا من البيانات، معرفة ما إذا كانت هذه الأرقام جزءًا من اتجاهات طويلة الأجل أم أنها مدفوعة بعوامل قصيرة الأجل.
انخفض إنتاج الصين من الصلب الخام بنسبة 3.9% في يونيو مقارنة بمايو، وبنسبة 9.2% مقارنة بالشهر نفسه في 2024، وهو أكبر انخفاض على أساس سنوي منذ أغسطس. وصنعت الصين، أكبر منتج للصلب في العالم، 83.18 مليون طن متري من الصلب الخام الشهر الماضي، ليصل إنتاج النصف الأول إلى 514.83 مليون طن، بانخفاض قدره 3% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. يتوافق إنتاج الصلب الأطر مع رواية قطاع البناء السكني الذي لا يزال يعاني، لكنه لا يُفسر سبب قوة واردات خام الحديد.
شهدت الصين، التي تشتري نحو 75% من خام الحديد المنقول بحراً في العالم، ارتفاعاً في الواردات بنسبة 8% في يونيو مقارنةً بمايو، حيث بلغت الواردات 105.95 مليون طن، وهو أقوى شهر حتى الآن في عام 2025. ومع ذلك، انخفضت واردات خام الحديد بنسبة 3% في النصف الأول من 2025 لتصل إلى 592.21 مليون طن.
تُفسر الأسعار بعضاً من قوة واردات خام الحديد أخيرا، حيث أظهرت عقود بورصة سنغافورة اتجاهاً هبوطياً منذ أن بلغت أعلى مستوى لها حتى الآن في 2025 عند 107.81 دولار للطن في 12 فبراير. وانخفضت إلى 93.35 دولار في 1 يوليو، لكنها تعافت منذ ذلك الحين لتغلق عند 97.95 دولار يوم الأربعاء وسط تفاؤل بأن إجراءات التحفيز التي اتخذتها بكين ستعزز الطلب على الصلب في النصف الثاني من العام.
ومع ذلك، إذا ظل الإنتاج السنوي للصلب عند الحد الأقصى غير الرسمي البالغ مليار طن، فهذا يعني أن إنتاج النصف الثاني سيكون أضعف من إنتاج النصف الأول البالغ 514.83 مليون طن .ولا يزال هناك مجال لزيادة مخزونات خام الحديد، حيث انخفضت مخزونات الموانئ إلى 131.9 مليون طن في الأسبوع المنتهي في 11 يوليو، من 150.02 مليون طن في الأسبوع نفسه من العام الماضي.
تعدين الفحم
يبدو أن هناك تناقضًا آخر يتمثل في إنتاج الفحم، الذي ارتفع بنسبة 5% في الأشهر الستة الأولى من عام 2025 ليصل إلى 2.4 مليار طن.
يُستخدم الفحم المحلي في الصين بشكل رئيسي في توليد الطاقة، وقد انخفضت الطاقة الحرارية، التي تعمل بالفحم بشكل كبير مع كمية صغيرة فقط من الغاز الطبيعي، بنسبة 2.4%.
ارتفع إجمالي توليد الطاقة بنسبة 0.8% في النصف الأول، وبالنظر إلى انخفاض الطاقة الكهرومائية أيضًا بنسبة 2.9%، فمن الواضح أن النشر السريع لمصادر الطاقة المتجددة مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية زاد من حصتها.
لماذا ترغب الصين في إنتاج كميات قياسية من الفحم في وقت يتراجع فيه الاستهلاك؟
هناك سببان رئيسيان، الأول هو ضمان بقاء أسعار الفحم المحلية منخفضة نسبيًا، ما يُبقي الضغط النزولي على تكاليف الكهرباء في وقت يواجه فيه كبار مستخدمي الطاقة، مثل الشركات المصنعة، حالة من عدم اليقين بسبب الحرب التجارية مع الولايات المتحدة.
انخفض سعر الفحم الحراري إلى أدنى مستوى له في 4 سنوات عند 610 يوان (84.96 دولارًا أمريكيًا) في يونيو، وبينما تعافى إلى 625 يوانًا يوم الأربعاء، إلا أنه لا يزال منخفضًا بنحو 20% عن أعلى مستوى له في عام 2025 عند 775 يوانًا في أوائل يناير.
الفائدة الثانية من ارتفاع إنتاج الفحم المحلي هي أنه يُخفّض الطلب على الإمدادات من الخارج، ولأن الصين هي أكبر مستورد في العالم، فإن هذا يعني أن أسعار الشحن البحري كانت تحت ضغط.
كاتب اقتصادي في وكالة رويترز