تراجع جاذبية شوارع التسوق يهدد عائدات السياحة في بريطانيا

تراجع جاذبية شوارع التسوق يهدد عائدات السياحة في بريطانيا
"رويترز"

في السنوات الأخيرة، واجهت مراكز التسوق الرئيسية في مدن المملكة المتحدة، التي يشكل كل منها قلبا نابضا للمدينة، أزمة حادة؛ فشوارع التسوق الشهيرة، التي لم تكن محركا للحركة التجارية اليومية فحسب، بل عنصرا رئيسيا يجذب أكثر من 41 مليون سائح سنويا إلى البلاد، أصبحت تعاني اليوم واقعا مريرا.

بات من المعتاد رؤية محلات مغلقة وواجهات فارغة، مع انخفاض عدد المارة، ليس فقط بسبب القلق من الوضع الاقتصادي الصعب، لكن كذلك نتيجة لتغيرات أساسية في سلوك المستهلك، الذي يفضل التسوق عبر الإنترنت.

إنعاش شوارع التسوّق الرئيسية المتعثرة في جميع أنحاء المملكة المتحدة، في حاجة ماسة لاستثمار 5 مليارات جنيه إسترليني (نحو 6.8 مليار دولار أمريكي)، بحسب تقرير صدر حديثا عن "مركز أبحاث المدن".

تراجع القدرة الشرائية يدفع بعض المحال إلى إغلاق أبوابها

لا شك في أن ضخامة المبلغ تعكس عمق التحديات الاقتصادية التي يواجهها العديد من الأسواق التجارية البريطانية.

يمكن إيجاز سبب هذه التحديات في وجود عدد كبير من المحال التجارية مقابل عدد محدود من السكان ذوي القدرة الشرائية المتراجعة، ما يدفع أصحاب المحال إلى إغلاق متاجرهم.

بطبيعة الحال، تتفاوت صحة الشوارع التجارية الرئيسية بشكل ملحوظ في جميع أنحاء بريطانيا؛ ففي المناطق الأكثر ثراء، مثل لندن ويورك وإدنبرة، تراوح معدلات الشواغر بين 7-9%.

تحولت بعض المحال في هذه المناطق إلى مطاعم خلال السنوات الأخيرة، بعد أن شجعها على ذلك بلوغ متوسط إنفاق سكان هذه المدن على تناول الطعام خارج المنزل 25% من إجمالي إنفاقهم على الغذاء.

لكن روت ديفيس، نائب رئيس اتحاد أصحاب المحال التجارية الصغيرة في المملكة المتحدة، يشير إلى أن الوضع يختلف في المدن الأقل رخاء، إذ تصل نسبة الشواغر فيها إلى 16%.

ومن غير المجدي تحويل المحلات في تلك المدن الأقل رخاء إلى مطاعم، في ظل إنفاق سكانها 10% من دخولهم على أنشطة الترفيه، بما في ذلك تناول الطعام خارج المنزل.

السياحة تتأثر بأوضاع المتاجر البريطانية

تؤدي قلة المتاجر المتاحة في بعض المدن البريطانية إلى تراجع رغبة السياح في زيارتها، أو الإنفاق فيها، أو ربما يدفعهم إلى تأجيل عملية الإنفاق حتى يقوموا بزيارة مدن تتسم أسواقها التجارية بالثراء والتنوع.

على هذا النحو، تُدخل الأسواق التجارية المتأزمة مدنها في حلقة مفرغة؛ فتراجع الشوارع الرئيسية يُثني المستهلكين المحليين والسياح على السواء عن الإنفاق؛ وتقلص أعداد السياح يؤدي إلى إغلاق المزيد من المتاجر، وهو ما يفاقم تآكل جاذبية تلك المدن.

إميليا فوكس، خبيرة الترويج السياحي، قالت لـ "الاقتصادية": "لطالما شكّل التنوع الفريد للمتاجر البريطانية وتراثها المعماري وواجهاتها المميزة أحد أهم عوامل الجذب السياحي. غير أنه عندما تغلق هذه المتاجر، تفقد الأسواق جاذبيتها، ويندفع السائح إلى البحث عن وجهات أكثر حيوية أو إلى قضاء وقته في الفندق بعيدا عن مغامرات التسوق."

تحديات الأسواق البريطانية تستلزم حلولا جذرية

في ظل هذه الظروف، تطالب هيئة تجارة التجزئة بحلول جذرية بدلا من "إصلاحات شكلية لا تصمد طويلا أمام التحديات".

وما زال الاستثمار في الأسواق الرئيسية مقيدا بنظام ضريبة الأعمال القديم، الذي يحد من قدرة أصحاب المتاجر على التطوير، بينما لا تساهم تخفيضات ضريبة الأعمال ورسوم مواقف السيارات في معالجة جوهر المشكلة، المتمثل في تقلص القدرة الشرائية واتجاه المستهلكين للتسوق عبر الإنترنت.

وليم ماركهام، من قسم أبحاث التسويق في هيئة تجارة التجزئة، قال لـ"الاقتصادية" إنه لكي تنجح الشوارع التجارية وتزدهر "لا بد من دمج تجارة التجزئة مع التطوير السكني والمكتبي، لضمان تدفق مستمر لمجموعات مختلفة من السكان والسياح".

تسهم المهرجانات المحلية والعروض الدائمة كذلك في إبقاء الزوار لوقت أطول وإنفاق مزيد من المال. "فالنهج متعدد الاستخدامات ذي الطابع الاستثماري، يعيد الناس إلى الأسواق ويعزز القدرة على مواجهة التحول الواسع نحو التسوق الإلكتروني"، بحسب ماركهام.

الأكثر قراءة