رواد المطاعم الأمريكية يلجأون إلى بدائل أرخص في مواجهة تقلبات الأسعار
يتزايد عدد الأمريكيين الذين يستبدلون حجز طاولة في مطعم فاخر بخيارات أبسط، والمكونات المستوردة المكلفة ببدائل معلبة أو مجمدة، وهي إشارة مبكرة إلى ضعف تحمل تقلبات التضخم المحتملة الناجمة عن الرسوم الجمركية، وفقًا لخبراء الصناعة وبيانات حديثة.
تقول مجلة "بارونز"، أن تُقدم عادات الأكل مؤشرات خفية على شعور المستهلكين تجاه الاقتصاد وحالتهم المالية، وفي الأشهر الأخيرة، خفّضت الأسر الأمريكية إنفاقها على البقالة والمطاعم.
ويمثل إنفاق المستهلكين ما يقارب 70% من إجمالي نمو الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة سنويًا - وخدمات مثل ارتياد المطاعم تشكل جزءا كبيرا من هذا الإنفاق، لكن في الآونة الأخيرة، لم يعد الإنفاق على المطاعم مثل السابق، كما يقول جيمس أوريلي، الرئيس التنفيذي لشركة أسنت لإدارة الضيافة، الشركة الأم لسلسلتي مطاعم هادل هاوس وبيركنز.
وأشار أوريلي إلى أن مبيعات المطاعم إجمالا تراجعت، وسط استمرار مستويات التضخم المرتفعة، وضعف ثقة المستهلكين، وانخفاض الميزانيات، صحيح أن الإنفاق لم يتوقف بالكامل، إلا أن المستهلكين يظهرون ميلاً متزايدًا نحو خيارات ذات قيمة أفضل، خاصةً مع انخفاض الدخل القابل للإنفاق المعدّل حسب التضخم بنسبة 0.7% في مايو.
وتُشير البيانات إلى أن الأسعار المرتفعة في قوائم الطعام، مقترنة بتراجع القدرة الشرائية، قد شكلت ضغطا أكبر على العائلات منخفضة الدخل. ووفقًا لتقرير مبيعات التجزئة الأخير، انخفض الإنفاق الشهري على المطاعم 0.9% في مايو، وفقًا لمكتب الإحصاء.
شهد الإنفاق على المطاعم تحسنًا طفيفًا في يونيو، حيث ارتفع بمتوسط 1.2% على أساس سنوي خلال أول ثلاثة أسابيع من الشهر، وفقا لـ "بلومبيرغ"، إلا أن هذه النسبة أقل من مستويات الإنفاق في 2022 و2023، عندما كان الأمريكيون يتمتعون بفوائض مالية من دعم الجائحة.
ويُلاحظ أن ارتفاع متوسط الإنفاق لكل زيارة بسبب زيادة الأسعار يعوض تراجع إقبال الزبائن، ما يعطي انطباعًا ظاهريًا بأن المبيعات قوية، وهو ما يدفع أوريلي للتأكيد على أهمية تحليل حركة الزبائن داخل المطاعم.
وتُظهر بيانات منصة بليسر أيه آي، منصة تحليلات مواقع تتتبع سلوك المستهلك وأنماط حركة المشاة، أن الزيارات إلى المطاعم زادت 0.1% فقط على أساس سنوي في يونيو، مع بقاء عدد زوار الزبائن في المطاعم التقليدية ثابتا تقريبًا، في حين شهدت مطاعم الوجبات السريعة تراجعًا بنسبة 0.2%.
من جانبه، يرى ديفيد أورتيجا، أستاذ الاقتصاد الغذائي في جامعة ولاية ميشيغان، أن أنماط التسوق في متاجر البقالة تنذر أيضًا بالاتجاهات الاقتصادية. وقد لاحظ في الأشهر الأخيرة تراجعًا في شراء الوجبات الخفيفة، مقابل زيادة الإقبال على السلع المعلبة والمنتجات الأرخص مثل العلامات التجارية الخاصة بالمتاجر.
كما لاحظ أورتيجا دلائل على تقنين الأمريكيين ارتياد المطاعم، فمثلا، ارتفعت مبيعات البيتزا المجمدة. في العام الماضي، حققت صناعة البيتزا المجمدة في الولايات المتحدة مبيعات بلغت 7 مليارات دولار تقريبا، وفقًا لبنك الاستثمار جرينتش كابيتال جروب.
وعلى الرغم من تباطؤ وتيرة ارتفاع أسعار المواد الغذائية، لا تزال تكلفة البقالة أعلى 29% مقارنة بما قبل الجائحة. كما يثقل انخفاض الدخل المتاح للإنفاق وتباطؤ سوق العمل كاهل المستهلكين، ومن غير المرجح أن يتراجع هذا الضغط عما قريب. وبحسب أورتيجا، كل هذا قد يكون مؤشرات مبكرة على ضائقة اقتصادية محتملة.
يقول ديفيد تينسلي، كبير الاقتصاديين في معهد بنك أوف أمريكا، إن الأسر ذات الدخل المرتفع، والتي تُشكل حصة أكبر من إجمالي إنفاق المستهلك الأمريكي، لا تزال تُنفق على خدمات مثل المطاعم والسفر.
لكن حتى هذه الأسر ليست بمنأى عن البيئة الاقتصادية الحالية، التي تجمع تدني ثقة المستهلك وعدم اليقين الاقتصادي. فقد أشار متجرا "وول مارت" و "دولار جنرال" إلى أنهما شهدا ميل الأسر ذات الدخل المرتفع إلى خيارات أقل تكلفة.