محلل طاقة في تقرير لرويترز: السعودية في وضع يؤهلها لإعادة ضبط السوق وزيادة حصتها السوقية
يتوقع أن يسهم سعي الرياض لزيادة إنتاج أوبك+ من النفط بوتيرة سريعة، في وضع السعودية في موقع الصدارة لاستعادة حصتها السوقية، مع اتباع إستراتيجية مزدوجة قصيرة وطويلة الأمد، بحسب ما ذكره الكاتب والمحلل في شؤون أسواق النفط والطاقة، رون بوسو.
وقررت 8 دول منتجة للنفط في أوبك+، تتمثل في السعودية وروسيا والإمارات والكويت وعُمان والعراق وكازاخستان والجزائر، السبت الماضي، في رفع إنتاجها المشترك بمقدار 548 ألف برميل يوميًا في أغسطس، مُسرّعةً بذلك التراجع عن حزمة التخفيضات البالغة 2.17 مليون برميل يوميا والتي بدأت في أبريل.
بوسو أشار في تحليل نشرته وكالة "رويترز" إلى أن الجمع بين هذا الجدول المُسرع وزيادة متفق عليها بمقدار 300 ألف برميل يوميا في الإنتاج الأساسي للإمارات، يعني أن أوبك+ سترفع على الأرجح مستهدف إنتاجها 2.5 مليون برميل يوميا بنهاية سبتمبر من هذا العام.
ومع ذلك، لن تُحدث الحصص الجديدة تغييرا جذريا في إجمالي إنتاج المجموعة، إذ إن معظم الأعضاء ينتجون بالفعل عند هذه المستويات أو فوقها، والأبرز في ذلك كازاخستان، التي أنتجت 1.88 مليون برميل يوميًا في يونيو، بحسب "بوسو".
وأنتجت الدول الثمانية 32 مليون برميل يوميًا في يونيو، مقارنةً بحصة قدرها 31.38 مليون برميل يوميًا، وفقًا لتقديرات رويترز، لذا يتضح أن التراجع عن تخفيضات الإنتاج يهدف إلى حد كبير إلى مواكبة الواقع.
وهنا يؤكد المحلل في شؤون أسواق النفط والطاقة، أنه باتخاذ هذه الخطوة الآن، فإن السعودية، القائد الفعلي لأوبك+ وأكبر مُصدر للنفط في العالم، في وضع يؤهلها لإعادة ضبط السوق وزيادة حصتها السوقية.
إنتاج السعودية 9.55 مليون برميل يوميا في يونيو
وبلغ انتاج السعودية نحو 9.55 مليون برميل يوميا في يونيو، وفقًا لبيانات شركة "بيترو-لوجيستيكس" التي استند إليها كيشاف لوهيا، مؤسس شركة الاستشارات "أويليتيكس" وهذا يمنحها زيادة إضافية قدرها 200 ألف برميل يوميا في الإنتاج، يمكن الاستفادة منها حتى أغسطس بموجب اتفاق أوبك+ كما تمتلك هامش طاقة إنتاجية احتياطية يقارب 3 ملايين برميل يوميًا، يمكنها الاستفادة منه خلال 90 يومًا، وفقا لتقديرات وكالة الطاقة الدولية.
وانخفضت حصة السعودية من إنتاج النفط العالمي من متوسط 13% على مدى العقود الثلاثة الماضية إلى 11% في 2024، وفقًا للمراجعة الإحصائية للطاقة العالمية الصادرة عن معهد الطاقة.
وبالمثل، لم تُشكل صادرات المملكة من النفط الخام سوى 15% من الصادرات البحرية العالمية في 2024، مقارنة بمتوسط 18% في العقد السابق، بحسب شركة تحليل البيانات "كيبلر".
تراجع الأسعار يصب في مصلحة السعودية
لكن في الوقت الحالي، ستسعى السعودية إلى عكس هذا الاتجاه وترسيخ مكانتها العالمية المهيمنة، حيث تمتلك طاقة إنتاج نفطية هائلة غير مستغلة.
وتُعد السعودية، المُنتج الوحيد إلى جانبها الإمارات ضمن تحالف أوبك+ القادر على رفع إنتاجه بشكل كبير خلال الأرباع المقبلة.
في تحليله، يرى رون بوسو أن أي زيادات إضافية في الإنتاج ستزيد من الضغط الهبوطي على أسعار النفط المرجعية، التي تراجعت بنحو 15% هذا العام إلى أقل من 70 دولارا للبرميل.
وعزا ذلك إلى حد كبير إلى تخفيف أوبك لتخفيضات الإنتاج في البداية، إلى جانب مخاوف الطلب المتعلقة بالحرب التجارية التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب.
لكنه في الوقت نفسه، قال إن انخفاض الأسعار قد يصب في مصلحة السعودية، إذ من المرجّح أن منتجي "أوبك+" وغيرهم من خارج التحالف يميلون إلى خفض الانفاق في ظل انخفاض الأسعار، ما يعني أن الرياض بفضل طاقتها الفائضة الوفيرة وتكاليف الإنتاج المنخفضة ستكون في وضع أفضل من منافسيها لتلبية الطلب الجديد في الأعوام المقبلة.
رهان على تسريع التخفيضات على المدى الطويل
أما النفط الصخري، فيرى الكاتب والمحلل في شؤون أسواق النفط والطاقة، أن لانخفاض الأسعار الأخير تأثير ملحوظ على منتجيه في الولايات المتحدة.
وتتوقع إدارة معلومات الطاقة الأمريكية انخفاض إنتاج الولايات المتحدة إلى 13.3 مليون برميل يوميًا في الربع الأخير من 2026، من أعلى مستوى مسجل عند 13.5 مليون برميل يوميًا في الربع الثاني من العام الجاري، وهو أول انخفاض منذ الطفرة في الإنتاج نهاية العقد الماضي.
وهنا قال بوسو، إنه في ظل هذه الديناميكيات، قد تسعى الرياض إلى تسريع تخفيضات أوبك+ في الإنتاج الأشهر المقبلة من أجل زيادة الضغط على منافسيها، مع تعزيز إنتاجها في الوقت ذاته، ليكون رهانها في النهاية على المدى الطويل.
أضاف، "مع أن منتجي النفط الصخري الأمريكيين الأذكياء ربما استجابوا فورا لمناورة الرياض، إلا أن تأثيرها على بقية الصناعة سيستغرق وقتًا أطول بكثير ليظهر"، مرجعا ذلك إلى أن تباطؤ الاستثمار في الطاقات الإنتاجية الجديدة، مثل الحقول البحرية، سيستغرق سنوات حتى يُترجم إلى انخفاض فعلي في الإنتاج.
تحرك الرياض لزيادة الإمدادات قد يؤتى ثماره
يتوقع أن ترتفع الإمدادات العالمية 1.6 مليون برميل يوميًا لتصل إلى متوسط 104.6 مليون برميل يوميًا في 2025، و970 ألف برميل يوميًا إضافية العام التالي، متجاوزةً الزيادة المتوقعة في الطلب خلال تلك الفترة، وفقًا لتوقعات وكالة الطاقة الدولية.
وتتوقع الوكالة أن يقود معظم هذا النمو في الإمدادات منتجون من غير أعضاء أوبك+، مثل الولايات المتحدة والبرازيل والأرجنتين وغيانا وكندا.
لكن هذه التوقعات بذاتها هي السبب الذي دفع السعودية إلى التحرك من أجل الحفاظ على هيمنتها على السوق على المدى الطويل.
واختتم بوسو تحليله، بأنه مع إحجام منتجي النفط عن ضخ استثمارات ضخمة في طاقات إنتاجية جديدة بسبب تراجع الأسعار وعدم اليقين بشأن الطلب العالمي في ظل التحول في الطاقة، فقد تجد الرياض أن رهانها قد آتى ثماره.