هل تنافس الصين نفسها في مجال الذكاء الاصطناعي؟
اليوم، تُقدّم أكثر من 535 جامعة في الصين تخصصات مرتبطة بالذكاء الاصطناعي، حيث تشير نتائج حديثة صادرة عن "مورجان ستانلي" إلى أن نحو نصف أفضل باحثي الذكاء الاصطناعي في العالم من الصين.
وفقا لصحيفة ساوث تشاينا مورنينج بوست، بدأت مساعي الصين لبناء قاعدة قوية من المواهب في مجال الذكاء الاصطناعي في 2018، عندما أطلقت وزارة التعليم خطة عمل طموحة تهدف إلى مساعدة مؤسسات التعليم العالي على بلوغ طليعة العلوم والتكنولوجيا العالمية، مع دعم الهدف الإستراتيجي للبلاد المتمثل في ريادة الجيل القادم في مجال الذكاء الاصطناعي بحلول 2030.
هذه المواهب المهولة في دولة عدد سكانها 1.4 مليار نسمة يمنح الصين ميزة تنافسية في مجال أصبح ساحة معركة حاسمة في السباق التكنولوجي والجيوسياسي العالمي، وفقًا لباحثين في هذا المجال.
قال مؤسس مشارك لشركة ناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي كاو تشانجدان: "يبدو أن المنافسة في صناعة الذكاء الاصطناعي بأكملها تدور الآن بين الصينيين في الصين والصينيين في الولايات المتحدة".
بفضل سنوات من الاستثمار، خرّجت الصين عددًا كبيرًا من المختصين في المجالات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي. في الواقع، ابتداء من 2022، كان 38% من باحثي الذكاء الاصطناعي المتميزين العاملين في المؤسسات الأمريكية من أصل صيني، متجاوزين بذلك نسبة 37% من الأمريكيين، وفقًا لمؤسسة ماكرو بولو، وهي مؤسسة بحثية تابعة لمعهد بولسون في شيكاغو.
ووفقًا للتقارير السنوية الصادرة عن وزارة التعليم الصينية، شهدت برامج البكالوريوس في الذكاء الاصطناعي تطورًا سريعًا في السنوات الأخيرة. ففي 2020، كان الذكاء الاصطناعي هو أعلى تخصص جامعي افتتح في الكليات. ونتيجة لهذا، تجاوز عدد المختصين والطلاب في مجال الذكاء الاصطناعي في الصين 700 ألف عام 2024، بزيادة سنوية قدرها 25%، وفقًا لتقرير صادر عن شركة بكين يونيوايز تكنولوجي، وهي شركة تقدم خدمات تعليم الذكاء الاصطناعي، العام الماضي.
في 2022، كان 28% من أفضل باحثي الذكاء الاصطناعي في العالم يعملون في الصين، بزيادة عن 11% في 2019، وفقًا لبيانات "ماكرو بولو".
اليوم، يختار عديد من الصينيين المتدربين أو العاملين في الولايات المتحدة العودة إلى ديارهم، منجذبين إلى فرص عمل أكبر في الصين، وخائبي الأمل من حدود الرواتب في الشركات الأمريكية ومحدودية فرص التقدم الوظيفي.
ارتفعت إعلانات وظائف مهندسي الخوارزميات بنسبة 44% ووظائف تعلم الآلة 18% في الصين أوائل 2025 على أساس سنوي، وفقًا لبيانات من"شاوبين"، منصة توظيف صينية.
كما عززت سياسات الرئيس دونالد ترمب التقييدية بشأن التأشيرات وقبول الطلاب الدوليين هذا التحول.
وفقًا لتقرير مورجان ستانلي الصادر الشهر الماضي، تحتل الصين الآن المرتبة الأولى عالميًا في براءات اختراع الذكاء الاصطناعي وتجمعات التكنولوجيا. لكنها لا تزال متأخرة عن الولايات المتحدة في مجالات رئيسة عديدة، والتعاون بين الصناعة والأكاديميين ضعيف، والبحوث لا تتحول إلى تكنولوجيات مؤثرة، وتحمل المخاطر لدى المستثمرين منخفض.
فالولايات المتحدة تتمتع بمنظومة بحثية أقوى في المجال، ويعزى ذلك إلى إسهام القطاع الخاص الذي يسرع تحويل الأبحاث إلى تكنولوجيات عملية. في المقابل، جميع المؤسسات الصينية العشر الأولى في أبحاث الذكاء الاصطناعي هي مؤسسات أكاديمية، وفقًا للتقرير.
وبحسب كاو، تتمتع الولايات المتحدة بمزايا كبيرة، ولا سيما في إستراتيجياتها الاستثمارية طويلة الأجل وقدرتها العالية على تحمل المخاطر، مضيفا "عديد من الاستثمارات في الصين مصدرها رأسمال مملوك للدولة، ما يصعب تأمين التمويل اللازم للابتكارات المتطورة".