"الجبهة" التجارية الأمريكية الأوروبية

الضغوط الأمريكية تتصاعد على الاتحاد الأوروبي، للوصول إلى تفاهم يقود إلى اتفاق تجاري جديد بين الطرفين. وهذا أمر طبيعي، بعد أن قبل الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، بتجميد العمل بالتعريفات الجمركية الجديدة لمدة 90 يوماً تنتهي في الثامن من يوليو المقبل. النقطة الأهم هنا، تكمن في أن الجانبين لا يزالان متباعدين ليس في التوصل لاتفاق فحسب، بل في عقد محادثات تكتسب توصيف "المثمرة".

واشنطن تفاوض على كل الجبهات، وخصوصاً مع الصينيين واليابانيين، لكنها تولي في هذه الفترة أهمية أعلى قليلاً لمحادثاتها مع الاتحاد الأوروبي الذي يضم 27 دولة، ولا تربطه علاقات ودية حقيقية مع الولايات المتحدة، منذ وصول ترمب إلى البيت الأبيض.

الخط السياسي والتجاري للرئيس الأمريكي حالياً، وفر ما يمكن وصفه بـ "الخدمة" للكتلة الأوروبية وبريطانيا. قرب المسافات التي أوجدها خروج المملكة المتحدة من الاتحاد "بريسكت"، ودفع لندن نحو بروكسل بسرعة لم يكن أحد حتى وقت قريب يتوقعها.

أبرم الطرفان اتفاقا تجاريا ودفاعيا، أزال عقبات تركت آثارا سلبية ليس فقط على صعيد التنقل، بل من جهة الحركة التجارية، التي تراجعت بسبب الإجراء التي فرضها الانفصال.

المهم الآن، وبعد أن ضمنت بريطانيا اتفاقا تجاريا مع واشنطن، لم يكن مثالياً، إلا أنه ضروري، يتحرك الاتحاد الأوروبي نحو اتفاق مماثل، لكنه لن يتميز بالسهولة التي تم فيها بين لندن وواشنطن. لماذا؟ لأن المفاوضين الأمريكيين يضغطون على نظرائهم الأوروبيين لخفض الرسوم الجمركية من جانب واحد على السلع الأمريكية!

لا شك في أن الجانبين يضغطان كل على طريقته، إلا أن الجانب الأمريكي أكثر شدة في هذه المرحلة، وهو يعلم أن الاتحاد الأوروبي يحتاج بفعل لاتفاق تجاري، يتفادى عبره مواصلة تراجع النمو في دوله المختلفة. هذا النمو لن يزيد على 0.9 % في العام الجاري، ولن يتجاوز 1.4% في العام المقبل. والسبب الرئيسي هو غموض الحالة التجارية لهذه الكتلة. التفاهم الأمريكي الأوروبي لن يكن سهلاً.

فالجانب الأول مقتنع بأنه يتعرض "للظلم" التجاري منذ عقود، سواء من الأوروبيين أو غيرهم، أما الطرف الثاني، لن يقفز فوق الخطوط الحمراء التي وضعها منذ مطلع العام الحالي، لا بد أن يكون هناك، وبسرعة، نص إطاري لانطلاق العمل.

فترة تجميد التعريفات من الجانب الأمريكي تقترب من نهايتها، وانطلاق حرب تجارية مفتوحة ستنشر جممها على كل الساحة الدولية. التنازلات لا بد أن تكون في ملفات التفاوض، عند الجانبين بالطبع، وبالرغم من تشدد واشنطن، إلا أن إدارتها الحالية قابلة للمرونة عندما ترى أن الصفقة المأمولة تستحق ذلك.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي