أسواق النفط وحالة عدم اليقين!
في رأيي، تعيش أسواق النفط العالمية مرحلة لافتة من عدم اليقين، وذلك نتيجة لتداخل عدة عوامل جيوسياسية واقتصادية. أسعار النفط حاليا تدور حول 82 دولارا للبرميل، مقارنة بنحو 90 دولارا لنفس الفترة من العام الماضي، ما يعني انخفاضا بنسبة تقارب 9%، وهو ما يُبرز حالة الترقب والتقلب التي تسيطر على الأسواق.
أحد أبرز العوامل المؤثرة في رأيي هو الوضع الاقتصادي في الصين التي تعد أكبر مستورد للنفط في العالم، حيث أعتقد أن تباطؤ النمو الصيني بسبب ضعف الاستهلاك الداخلي وتراجع الاستثمارات الصناعية قلل من زخم الطلب، وبالتالي زاد من الضغوط على الأسعار العالمية.
لا يمكن تجاهل الحرب الروسية الأوكرانية التي في حال استمرارها دون تسوية وانفراجة حقيقية، قد تبقي المخاطر الجيوسياسية عند مستويات مقلقة، كون العقوبات الغربية على روسيا أثرت على تدفق الإمدادات وأعادت رسم مسارات التجارة النفطية. إعادة تقييم الدول الأوروبية لمصادر الطاقة أدى إلى اضطرابات في سلاسل الإمداد، وتقلبات في أسعار الطاقة خلال الفترة الماضية.
مع ذلك، أرى أن هناك بوادر إيجابية ومؤشرات على خفض التصعيد بين روسيا وأوكرانيا، وهو ما قد يسهم في تهدئة الأسواق. كما أن تصريح الرئيس الأمريكي الأخير بشأن تحييد خطر الحوثيين وتأمين الملاحة في البحر الأحمر أعاد بعض الثقة للأسواق فيما يخص استقرار الإمدادات من المنطقة.
أرى أن المدى القصير سيظل متقلبا بسبب هذه العوامل المتغيرة، لكن في حال استمرار التهدئة وتحسن الطلب الآسيوي، فقد نشهد استقرارا نسبيا على المدى المتوسط. وعلى المدى البعيد، فإن التحول العالمي نحو الطاقة المتجددة سيغير من طبيعة السوق، ولكن في اعتقادي سيبقى النفط عنصرا رئيسيا في مزيج الطاقة لعقود مقبلة.
تبقى القدرة على قراءة هذه التحولات وتكييف السياسات الوطنية معها، من وجهة نظري، مفتاحا لاستقرار أسواق النفط وتحقيق توازن عادل بين مصالح المنتجين والمستهلكين، ولا أغفل هنا أهمية التزام أعضاء "أوبك+" بحصصها الإنتاجية المتفق عليها.