متحف "آسان" في الدرعية لـ "الاقتصادية": نخطط لتنمية العوائد بمشاريع وشراكات إستراتيجية
يخطط متحف مسك للتراث "آسان" السعودي، لتوسيع نطاق التعاون مع شركاء محليين وعالميين، لرفع مستوى الأثر الاقتصادي والثقافي للمتحف، وتنمية العوائد من خلال مشاريع وشراكات إستراتيجية، بحسب ما ذكره لـ"الاقتصادية" الرئيس التنفيذي للمتحف خالد الصقر.
أضاف الصقر، أن "الاستثمار في القطاع المتحفي يشكّل فرصة اقتصادية وثقافية متنامية خاصة في ظل رؤية 2030 التي تسعى إلى رفع مساهمة القطاع غير الربحي في الناتج المحلي إلى 5%".
وأعلن المتحف اليوم، بداية مرحلة البناء في الدرعية، أحد أبرز المواقع التراثية في المملكة، وذلك خلال فعالية خاصة نظمها بالتزامن مع احتفالات المملكة باليوم العالمي للمتاحف، بحضور ممثلين عن مؤسسة محمد بن سلمان "مسك" وشركة الدرعية.
الصقر أشار إلى أن المتاحف ومن ضمنها متحف "آسان"، تلعب دورا محوريا في هذا التوجه من خلال توفير برامج تدريبية، وخلق فرص عمل ودعم الحراك الإبداعي في المجالات الثقافية والتراثية.
أوضح أن المتحف لا يقدم كمكان للعرض فقط، بل كمنصة تفاعلية مستدامة، تهدف إلى التأثير في المجتمع وبناء جيل جديد من الكفاءات في مجالات الحفظ، التوثيق، والترميم.
بشأن دور المتاحف في تعزيز الهوية الثقافية والمعرفية، ذكر الرئيس التنفيذي لمتحف مسك للتراث أن المتاحف تُعد حاضنات للذاكرة الجماعية، وتلعب دورا جوهريا في ترسيخ الانتماء والوعي.
وقال "في متحف آسان، نحرص على تقديم التراث السعودي بأسلوب معاصر يبرز ثراء الموروث الوطني، ويحفّز الزائر على التفاعل والتأمل".
أضاف أن "التجربة المتحفية في آسان لا تقتصر على استعراض المقتنيات في قاعات مغلقة، بل تسعى إلى خلق تواصل حي بين الأجيال، عبر محتوى حسي ومعرفي يعزز الحوار الثقافي داخل المجتمع".
خطط تطوير وشراكات مستقبلية
فيما يتعلق بالخطط التطويرية، أعلن رئيس المتحف عن وجود خطط تطويرية مستمرة تشمل تحديث المحتوى وتنويع المجموعات المعروضة بما يواكب تطلعات الجمهور ويعزز تجربة الزائر.
وبين أن هناك توجها لتوسيع نطاق التعاون مع شركاء محليين وعالميين ضمن مسار تكاملي، يهدف إلى رفع مستوى الأثر الثقافي والاقتصادي للمتحف على الصعيدين المحلي والدولي.
أشار إلى أن المتحف يسعى إلى بناء شراكات إستراتيجية مع القطاعين العام والخاص، تسهم في دعم البرامج التعليمية والثقافية، وتعزز تجربة الزوار وتضمن استدامة الرسالة التي يحملها المتحف في الحفاظ على الذاكرة الوطنية.
التحول الرقمي لمتحف "آسان"
حول إدماج التكنولوجيا الحديثة في تجربة الزائر، قال "إن المتحف يتبنى توجها إستراتيجيا نحو التحول الرقمي من خلال تطوير محتوى تفاعلي يتيح للزوار خوض تجربة غامرة".
أضاف إنهم "يستخدمون أحدث المنصات الرقمية والتقنيات لتمكين الزائر من التفاعل مع المشاهد التراثية بأسلوب حيوي، لا يقتصر على المشاهدة، بل يمتد إلى الإدراك والمشاركة".
أشار إلى أن أبرز مشاريع التحول الرقمي في المتحف يتمثل في الشراكة الممتدة لـ 30 عاما مع "فنون التراث" التابعة لجمعية النهضة، حيث يتولى المتحف حفظ وعرض ما يزيد على 57 ألف قطعة تراثية نادرة.
ونوه بأن هذه المجموعة ستتم رقمنتها بالكامل ضمن مبادرات تعليمية وتفاعلية، وستُوظف لاحقا في برامج المجتمع المحلي وتطوير منتجات مستوحاة من التراث، ما يُعزز الارتباط بالهوية الوطنية ويربط الماضي بالمستقبل بوسائل إبداعية معاصرة.
"آسان" لا يستهدف العوائد المباشرة
من جانبه، قال لـ"الاقتصادية" رئيس شركة تطوير الدرعية، محمد سعد، "إن متحف آسان الذي يعد ضمن الرؤية الاستثمارية الكبرى لمشروع الدرعية، لا يستهدف العوائد الاقتصادية المباشرة، بقدر ما يسعى إلى الأثر الثقافي المستدام".
وعن حجم الاستثمارات المخصصة للمتحف، أشار إلى أن الاستثمارات تُقدّر بمليارات ضمن مساراتها الصحيحة.
ومشروع الدرعية، يضم أكثر من 37 فندقا إلى جانب مرافق للتسوق ومتاحف متعددة، ويُعد متحف آسان عنصرا محوريا في هذه المنظومة التي تستهدف تقديم تجربة متكاملة.
فيما يتعلق بالشراكات، أشار سعد إلى أن تشغيل المتحف سيتم بالشراكة مع مؤسسة محمد بن سلمان "مسك"، في حين تتركز مساهمة المستثمرين والقطاع الخاص في الأصول التجارية مثل التجزئة، والوحدات السكنية، والمكاتب.
المتحف يجمع بين الترفيه والثقافة
في السياق ذاته، ذكرت فيفيانا موسيتولا، مديرة شركة زها حديد للهندسة المعمارية، أن الهدف من متحف آسان لم يكن أبدا مجرد إنشاء مساحة ثقافية ذات جدوى اقتصادية، بل السعي لخلق رابط مستدام بين المجتمع المحلي وموروثه الثقافي.
موسيتولا أضافت أن "هذا المبنى الأيقوني لا يقتصر دوره على عرض الفنون، بل يجمع بين الترفيه والثقافة، ويعيد تعريف الوظيفة المجتمعية للمتحف من خلال دمجه بالبيئة المحيطة واحتياجات الزوار".
أكدت أهمية توظيف أحدث تقنيات الاستدامة عند تنفيذ المشاريع الثقافية، لافتة إلى أن التصميم اعتمد على أنظمة متقدمة لضبط الرطوبة والحرارة إلى جانب معالجة هندسية دقيقة للأسطح الزجاجية لضمان الحد من انتقال الحرارة الخارجية.