اتفاق ترمب التجاري مع بريطانيا .. تقدم محدود في ظل غموض مستمر
على الرغم من إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب أن الاتفاق التجاري الجديد مع المملكة المتحدة "إنجاز تاريخي"، وإشادة رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر به، إلا أن أغلب الخبراء، حتى من المرحبين بالاتفاق، يشيرون إلى أنه لا يعدو كونه انفراجة محدودة لا تتضمن تغييرا ملموسا في شروط التجارة بين البلدين.
تبدو التفاصيل المعلنة من الطرفين شحيحة نسبيا حتى الآن، ولم يتضمن الإعلان توقيع أي اتفاق رسمي، لكن في إطار ما تم كشفه، تبدو صناعتي السيارات والصلب البريطانيتين الأكثر ارتياحا – وإن بتحفظ – تجاه ما ورد في الاتفاق.
مايكل ستيوارت، نائب الرئيس التنفيذي لقطاع الصادرات في اتحاد منتجي السيارات البريطانية، يقول للاقتصادية
"السيارات أكبر صادراتنا إلى أمريكا، إذ بلغت 9 مليارات جنيه إسترليني العام الماضي. وقبل الزيادات الجمركية، كانت واشنطن تفرض على السيارات البريطانية ضريبة بنسبة 2.5 في المائة، ثم أضاف الرئيس ترامب رسوم استيراد بنسبة 25 في المائة على السيارات وقطع الغيار القادمة إلى بلاده. المشهد تغير الآن، وخفضت الجمارك إلى 10 في المائة على 100 ألف سيارة بريطانية كحد أقصى، وهو ما يعادل تقريبا عدد السيارات التي صدرتها المملكة المتحدة العام الماضي. وإذا تجاوزنا هذا الحد، ستفرض علينا مجددا ضريبة 25 في المائة.
يرى المدافعون عن الاتفاق أنه أنقذ صناعة السيارات في المملكة المتحدة، التي كانت على وشك فقدان آلاف الوظائف. لكن آخرين أشاروا إلى أن الاتفاق يضع حدا لقدرة شركات السيارات البريطانية على التوسع في السوق الأمريكية خلال السنوات المقبلة.
ويعلق الخبير البريطاني في صناعة السيارات، آدم كين، قائلا "لن يكون أمام شركات صناعة السيارات الفاخرة مثل رولز رويس، ولاند رر، وجاكوار، خيار سوى استهداف أسواق بديلة مثل دول الخليج، وخفض أسعار سياراتها هناك لتعويض محدودية نمو صادراتها في السوق الأمريكية".
الاتفاق الجديد خفض أيضا الرسوم الجمركية على صادرات الصلب والألمنيوم البريطانية إلى الولايات المتحدة، لكن هذه الصادرات تظل محدودة نسبيا، ولا تتجاوز 700 مليون جنيه إسترليني سنويا.
ومع ذلك، يظل الغموض يحيط بجوانب أخرى أكثر أهمية. هيلين بيشوب، الباحثة في هيئة مصنعي الصلب البريطانية، تقول للاقتصادية “الرسوم الجمركية الأمريكية ما زالت تطبق على المنتجات المصنعة من الصلب والألمنيوم، مثل المعدات الرياضية، والأثاث، والآلات. وتبلغ صادراتنا للولايات المتحدة في هذا المجال 2.2 مليار جنيه إسترليني، أي نحو 5 في المائة من إجمالي صادراتنا لها. وحتى الآن، لم يتضح الموقف لهذه الفئة".
على الجانب الآخر، يضمن الاتفاق للولايات المتحدة زيادة كبيرة في مبيعاتها من لحوم الأبقار إلى المملكة المتحدة، والتي كانت تواجه سابقا رسوما جمركية بريطانية بنسبة 20 في المائة، وحدا أقصى لا يتجاوز ألف طن متري سنويا. وقد أثارت هذه الخطوة قلق بعض الخبراء البريطانيين، إذ يستخدم المزارعون الأمريكيون هرمونات النمو في تربية الأبقار، وهو ما يعد محظورا في المملكة المتحدة. وقد دفع ذلك الحكومة البريطانية إلى إصدار بيان أكدت فيه أنه لن يكون هناك أي تخفيف للمعايير الغذائية المعتمدة لواردات اللحوم.
ويعلق الدكتور سي. دي. آرثر، أستاذ التجارة الخارجية، للاقتصادية
"الاتفاق يخلق "فرصا" اقتصادية للولايات المتحدة تصل قيمتها إلى خمسة مليارات دولار، ولذلك لا يمكن التقليل من أهميته بالنسبة للجانب الأمريكي. أما بالنسبة لبريطانيا، فالرسوم الجمركية التي فرضها ترامب لا تزال تؤثر سلبا على الصناعات الأساسية. نحن بحاجة إلى مزيد من التفاصيل. يمكن القول إن وضع التبادل التجاري بين البلدين اليوم أفضل من الأمس، لكن المؤكد أنه ليس أفضل مما كان عليه قبل فرض الرسوم".