إنفاق المستهلكين ينقذ الاقتصاد الأمريكي من السقوط

إنفاق المستهلكين ينقذ الاقتصاد الأمريكي من السقوط
GETTY IMAGE

رسوم جمركية وحروب تجارية، وتضخم مستمر، وأسعار فائدة مرتفعة - كل هذه العوامل المُستنزفة للاقتصاد لم تكن كافية لإغراق الولايات المتحدة في ركود.
كيف ذلك؟ الأمر بسيط. معظم الراغبين في العمل لديهم وظيفة، تسمح لهم بإنفاق أكثر مما يكفي لدعم توسع اقتصادي مستمر منذ خمسة أعوام.
تقريرين صدرا الخميس الماضي حول إعانات البطالة ومبيعات التجزئة يكشفان "الوصفة السرية" لصلابة الاقتصاد الأمريكي، حسب ما ذكرت "ماركت ووتش".
انخفض عدد المتقدمين لإعانات البطالة في منتصف يوليو إلى أدنى مستوى خلال ثلاثة أشهر، في إشارة إلى عدم حدوث زيادة تُذكر في التسريحات، والتي ما تزال عند أدنى مستوياتها تاريخيا.
لهذا السبب، لم يتغير معدل البطالة في الولايات المتحدة بشكل كبير، حيث تراجع قليلا إلى 4.1% في يونيو، وهو بالكاد أعلى من مستوى ما قبل الرسوم الجمركية الذي بلغ 4.0%.
وهذا أمر لافت، فمعدل بطالة عند 4% لم يتحقق سوى لفترات قصيرة خلال الخمسين عاما الماضية.
يسمح سوق العمل المستقر، الذي تنخفض فيه حالات تسريح العمال، لمعظم الأمريكيين بالشعور بالأمان الكافي في وظائفهم للإنفاق كالمعتاد - على السيارات الجديدة، والإجازات، والمطاعم والعناية الشخصية، وغيرها.
لنأخذ إنفاق المستهلكين في الاعتبار. في يونيو، انتعشت مبيعات التجزئة بزيادة قوية ومفاجئة. ومن المرجّح أن يكون جزء من هذا الإنفاق ناجم عن محاولة المستهلكين شراء السلع قبل أن ترتفع أسعارها بفعل الرسوم.

قال كبير الاقتصاديين سكوت أندرسون من "بي إم أو كابيتال ماركتس": "قد تكون مخاوف التضخم في الواقع هي التي تعزز مبيعات التجزئة اليوم".
رغم ذلك، لا توجد مؤشرات قوية على أن الإنفاق الاستهلاكي يتراجع بما قد يُهدد الاقتصاد.
ماري دالي، رئيسة الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو، ، قالت في مقابلة تلفزيونية مع بلومبرغ: "نشهد نموا قويا. وسوق عمل قوية. والمستهلكون ينفقون".
لكن بالتأكيد حالة الاقتصاد حتى الآن ليست مثالية.
رغم انخفاض معدل البطالة، إلا أن العثور على وظيفة أصبح أصعب بكثير إن لم يكن لديك واحدة. فمعظم الشركات مترددة في التوظيف وسط الغموض بشأن تأثير الحروب التجارية على أرباحها.
جزء من ارتفاع الإنفاق يعكس ببساطة ارتفاع الأسعار، فالتضخم جعل كل شيء أغلى.
والرسوم الجمركية ليست في طريقها للزوال. بل على العكس، ستواصل خلق حالة من عدم اليقين وتقييد النمو.
رغم كل ذلك، فإن الزيادة المستقرة – ولو كانت متواضعة – في الإنفاق الاستهلاكي هذا العام، وفّرت طلبا كافيا على السلع والخدمات جعل الشركات ترى أن لا حاجة لتقليص أعداد موظفيها.
هذا التردد في تسريح العمال مرتبط أيضا بنقص مزمن في اليد العاملة يعود إلى ما قبل الجائحة. وقد يتفاقم الوضع في ظل مساعي إدارة ترامب لترحيل المهاجرين غير النظاميين.
لذا، يبدو أن معظم الشركات تفضّل الاحتفاظ بموظفيها الحاليين بانتظار انتعاش الاقتصاد.
قال توماس سيمونز، كبير الاقتصاديين الأمريكيين في شركة جيفريز، في مذكرة للعملاء: "لقد أصبح "اكتناز العمالة" توجها واسع الانتشار خلال العامين الماضيين، حيث تخشى الشركات من صعوبة العثور على عمالة من جميع مستويات المهارة عند انتعاش ظروف العمل".
ويبدو أن مقولة الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون ما تزال فعالة: "أفضل برنامج اجتماعي هو الوظيفة". وربما يكون أفضل علاج للأوقات الاقتصادية الصعبة أو الركود هو ارتفاع التوظيف وانخفاض التسريحات — وهو تماما ما تتمتع به الولايات المتحدة حاليا.

الأكثر قراءة