"الهوامير يعرفون" .. كيف نجا مليارديرات العالم من اضطرابات السوق؟

"الهوامير يعرفون" .. كيف نجا مليارديرات العالم من اضطرابات السوق؟

في أروقة وول ستريت ثمة مقولة يتم تداولها همسا: "الكبار يعرفون" والمقصود بها أن رجال الاقتصاد والأسهم الأكثر خبرة يمكنهم التنبؤ بتحركات السوق ومعرفة موعد التدهور قبل الجميع وبالتالي إنقاذ أنفسهم من أي خسارة.

تلك المقولة تأكدت في التاسع من أبريل الماضي حين دخلت الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب حيز التنفيذ قبل تعليق معظمها لاحقًا، إذ فوجئ 500 ملياردير من مليارديرات العالم بخسائر فادحة في ثرواتهم وصلت إلى 270 مليار دولار في يوم واحد بحسب مجلة فوربس. لكن على الجانب الآخر كان هناك وارن بافيت ملك الأسهم وعرّاب البورصة الأمريكية الذي لم يفقد دولارا واحدا من ثروته بل أضاف إليها 19.6 مليار دولار ليكون أول الرابحين في فترة الأشد ركودا من الناحية المالية وليثبت أن "الثعلب الكبير" ما زال في جعبته الكثير.

كيف فعلها بافيت؟ توضح وكالة بلومبيرغ أن الملياردير الذي يبلغ من العمر 94 عامًا باع في 2024 أسهم بقيمة 134 مليار دولار معظمها في شركة "أبل " و"بنك أوف أمريكا" وبعض صناديق الاستثمار، كما أوقف إعادة الشراء ما عزز لديه السيولة المالية التي وصلت إلى 325 مليار دولار في بداية العام الجاري، وجاءت تحركات "بافيت" كإجراء استباقي للانتخابات الأمريكية لكنه ضاعف من حركة بيع الأسهم بمجرد فوز "ترمب" وبدء الحديث عن التعريفات الجمركية.

لم تكن تلك الأزمة الوحيدة التي نجا منها وارن بافيت، ففي 2008 وأثناء الأزمة المالية العالمية استطاع أيضًا أن يفاقم ثروته من خلال استغلال الأزمة وشراء أسهم في جولدمان ساكس وجنرال إلكتريك وغيرهم وبيعها لاحقًا بأرباح ضخمة وهو منهج أسماه "استثمار القيمة" أي شراء أسهم شركات قوية عندما تكون أسعارها أقل من قيمتها الحقيقية وهذا يحدث في وقت الأزمات والاضطرابات في العادؤ.

لكن "بافيت" لم يكن الوحيد الذي نجا من تداعيات الرسوم الجمركية واضطرابات السوق ، فبعد 100 يوم من تبوؤ ترمب سدة البيت الأبيض، ظهرت خريطة شملت رابحون آخرون أبرزهم الملياردير الأمريكي بيتر ثيل مؤسس شركة بالانتير المتخصصة في الذكاء الاصطناعي، وأقدم داعمي ترمب أيضًا في وادي السيلكون والمحرض الأول للرئيس الأمريكي على التحول في الإنفاق على الذكاء الاصطناعي.

ومنذ بداية الركود في يناير الماضي، وما نتج عنه من انخفاض قيمة الأسهم 8% بحسب مؤشر "داو جونز"، لاحظ المتخصصون صعودا استثنائيا لأسهم شركة "بالانتير" المملوكة لبيتر ثيل ووصلت نسبة الارتفاع إلى 54% خلال 100 يوم.

وهو ما يعد أقوى عائد لأي شركة مدرجة في البورصة الأمريكية، ليحقق الملياردير الأمريكي أرباحا قدرت بـ4.9 مليار دولار وأصبح صافي ثروته 19.3 مليار دولار وفقًا لآخر تصنيف في فوربس.

نجاح بيتر ثيل يعد استكمالًا لعام 2024 الذي شهد تحقيق أسهم بالانتير أعلى عائد في مؤشر ستاندرد آند بورز، إذ تضاعف سعر السهم 4 مرات تقريبًا، وذلك بسبب الاستثمار المتنامي في الذكاء الاصطناعي وهو النهج الذي اتبعه الرئيس الأمريكي دونالد ترمب ما أدى في النهاية إلى أن تقف بالانتير في صف وزارة الدفاع الأمريكية والحكومة الفيدرالية للتحول نحو الذكاء الاصطناعي وهو ما ضمن لبيتر ثيل هذه الأرباح.

مكاسب "بالانتير" انعكست بالإيجاب على ملياردير آخر هو ألكسندر كارب رجل الأعمال الأمريكي والرئيس التنفيذي للشركة، فبسبب ارتفاع الأسهم وتحقيق تلك المكاسب الضخمة خلال الفترة الماضية ارتفعت ثروة "كارب" بمقدار 3.6 مليار دولار ليصبح صافي ما يملكه 10.6 مليار دولار بحسب مجلة فوربس.

"مصائب قوم عند قوم فوائد"، قاعدة انطبقت على لين بن أحد مؤسسي شركة شاومي الصينية ونائب رئيس مجلس إدارتها، فبسبب حرب الرسوم الجمركية بين أمريكا والصين، تأثرت مبيعات الهواتف الأمريكية في بكين خاصة منتجات أبل، وهو ما منح الفرصة لـ"شاومي" التي استغلت تلك الظروف وضاعفت من حجم مبيعاتها، وقد نجحت في ذلك وفقًا لتقرير "كاونتر بوينت ريسيرش" المتخصصة في التكنولوجيا، إذ باعت شاومي 13.3 مليون هاتف خلال الربع الأول من 2025 واستحوذت على 19% من حجم السوق الصينية متجاوزة بذلك جميع المنافسين المحليين والعالميين، وبالنسبة لـ"لين بن" فقد ربح 3.7 مليار دولار وأصبح صافي ثروته 15 مليار دولار.

قائمة الرابحون شملت الخبير المالي والملياردير الأمريكي براد جاكوبس، إذ أدت الأزمات العالمية الجارية وضبابية المشهد الاقتصادي والصراعات المسلحة إلى زيادة الطلب على المواد اللوجستية التي هي أساس عمل "براد"، إذ يملك "جاكوبس" شركة "لوجستكس" الشركة الرائدة في مجال في أعمال الشحن العالمي، وتعد ثاني أكبر مزود للخدمات اللوجستية التعاقدية في العالم حيث تدير أكثر من 19 مليون م2 من مساحات المستودعات حول العالم، وخلال فترة الـ 100 يوم الأولى من حكم ترمب، ازدهرت أعمال الشركة بحسب مجلة فوربس ما أدى إلى زيادة ثروة صاحبها بقدر 4 مليارات دولار لتصبح صافي ثروته 12.6 مليار دولار مرشحة للزيادة مع إبقاء الوضع العالمي على ما هو عليه.

الأكثر قراءة