قرار الفيدرالي بشأن الفائدة تحت مجهر ترمب والحرب التجارية
تتجه أنظار الأسواق المالية العالمية نحو واشنطن مساء اليوم، لمعرفة نتائج اجتماع الفيدرالي الأمريكي بخصوص سياسته النقدية المقبلة وتحديد مصير أسعار الفائدة.
يأتي هذا الاجتماع وسط حالة من الحذر بين المستثمرين، مع توقعات بتثبيت الفائدة عند نطاق 4.25% إلى 4.50%، في ظل بيانات اقتصادية متباينة وتوقعات متضاربة حول الخطوات المقبلة للبنك المركزي الأمريكي مع بقاء توتر الحرب التجارية وتداعياتها على التضخم.
بيانات اقتصادية حديثة تثير التساؤلات
وفقا لأحدث البيانات الرسمية، شهد معدل التضخم السنوي في الولايات المتحدة تباطؤا إلى 2.4% في مارس 2025، أقل من توقعات المحللين التي أشارت إلى 2.5%، بعد أن كان عند 3% في يناير.
رغم هذا التراجع، لا يزال التضخم فوق الهدف الطويل الأمد للفيدرالي عند 2%، ما يثير قلق صانعي السياسة النقدية من احتمال دخول الاقتصاد في حلقة تضخمية جديدة، خاصة مع ارتفاع توقعات التضخم وفقا لمسح جامعة ميشيجان.
من جهة أخرى، أظهرت بيانات سوق العمل ارتفاع البطالة، حيث بلغ معدل البطالة 4.2% في أبريل 2025، وهو أعلى 20 نقطة أساس عن بداية العام.
هذه المؤشرات المتباينة تجعل قرار الفيدرالي محور اهتمام الأسواق، حيث يترقب المستثمرون أي إشارات حول وتيرة التخفيضات المستقبلية أو استمرار التشديد النقدي. بينما سجل الناتج المحلي انكماشا 0.3% في الربع الأول وهو أداء أسوأ بقليل مما توقعه اقتصاديون استطلعت "بلومبرغ" آراءهم. الانخفاض مدفوعا بشكل أساسي بارتفاع الواردات، الذي يُعتقد أنه نتيجة استباق المستهلكين لتطبيق التعريفات الجمركية.
ثلاثة أرباع خبراء الاقتصاد الذين شملهم استطلاع "بلومبرغ" يتوقعون الآن حدوث ركود اقتصادي، أو سيناريو نمو صفري يتفادى الركود بالكاد، خلال الأشهر الـ12 المقبلة، مقارنة بـ26% فقط في استطلاع شهر مارس الماضي. رغم هذا التحول، فإن التقدير الأوسط للمشاركين في الاستطلاع ما زال يشير إلى أن بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سيخفض سعر الإقراض الرئيسي مرتين فقط هذا العام، بمقدار ربع نقطة مئوية في شهري سبتمبر وديسمبر المقبلين.
"باول" في مرمى تصريحات "ترمب"
شهدت الأسواق المالية تقلبات بسبب تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترمب ضد رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، حيث اتهمه بإبطاء الاقتصاد بسبب أسعار الفائدة المرتفعة وهدد بإقالته قبل أن يتراجع لاحقا. بدأت التصريحات خلال حملته الانتخابية في 2024، عندما أكد ترمب أنه لن يعيد تعيين باول إذا فاز بالرئاسة. رد باول بأن القانون يحميه من الإقالة، مما زاد التوتر.
تصاعدت حدة التصريحات في أبريل 2025، عندما وصف ترمب باول بـ"الخاسر الأكبر" وحذر من تباطؤ الاقتصاد إذا لم تخفض الفائدة فورا، ما تسبب في انخفاض الدولار إلى أدنى مستوى له منذ 2022. تحت ضغط تقلبات الأسواق، حث مستشارو ترمب، بمن فيهم وزير الخزانة، على تهدئة الوضع، مؤكدين أن الرئيس لا ينوي إقالة باول وفقا لـ"بلومبرغ". لكن التوترات قد تتجدد إذا استمر الفيدرالي في الإبقاء على الفائدة دون تغيير.
الفيدرالي هادئ أمام التقلبات
أكد جيروم باول في شهادته الأخيرة أمام لجنة البنوك بمجلس الشيوخ أن الفيدرالي "ليس في عجلة من أمره" لخفض الفائدة، مشيرا إلى استمرار التحديات الاقتصادية. وقال رئيس البنك المركزي: "السياسة النقدية الآن أقل تقييدا من السابق، والاقتصاد لا يزال قويا، ولا نحتاج إلى التسرع في تعديل موقف سياساتنا".
ويرى باول أن تسريع تبني السياسة النقدية التيسيرية بشكل كبير قد يحول دون تباطؤ التضخم، وفي الوقت نفسه، قد يؤدي تقييد السياسة النقدية أكثر من اللازم إلى إضعاف النشاط الاقتصادي وسوق العمل.
ما الذي ينتظره المستثمرون؟
مع اقتراب موعد إعلان قرار الفيدرالي مساء اليوم، يتركز اهتمام المستثمرين على توجهات الفيدرالي في ظل الحرب التجارية وتداعياتها، وما إذا كانت الرسوم الجمركية المرتفعة ستترك أثرا عابرا في التضخم أم تأثيرا مستداما، الذي بدوره سيجعل اتجاهات أسعار الفائدة أكثر وضوحا. أي إشارة إلى اعتبار التضخم نتيجة التعريفات مؤقته يعزز من توقعات خفض أسعار الفائدة ما يعزز التفاؤل في الأسواق، بينما العكس سيزيد التقلبات.
يبقى اجتماع الفيدرالي الأمريكي نقطة تحول محتملة للأسواق العالمية. مع استمرار التوترات الاقتصادية والسياسية، ستظل الأسواق في حالة ترقب لكل كلمة تصدر عن جيروم باول، حيث قد تحدد الاتجاهات المستقبلية للدولار، الذهب، الأسهم، وغيرها من الأصول.