قطاع الصلب الصيني في مأزق رسوم ترمب الجمركية رغم محدودية الواردات الأمريكية

قطاع الصلب الصيني في مأزق رسوم ترمب الجمركية رغم محدودية الواردات الأمريكية
مصنع صلب في مقاطعة هوبي الصينية. "رويترز"

لا تعد الصين بين كبار مصدري الصلب إلى الولايات المتحدة، التي تستورد نحو ربع احتياجاتها الإجمالية منه من الخارج، على الرغم من كونها أكبر منتج ومصدر لهذا المنتج في العالم.

وبلغ الحجم الصافي لصادرات الصلب الصينية إلى الولايات المتحدة 508 آلاف طن العام الماضي، ما يشكل 1.8% فقط من إجمالي واردات الصلب الأمريكية.

بيد أن ضآلة حجم صادرات الصلب الصينية للولايات المتحدة قد لا تبعد عنها أثر الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب على واردات بلاده من الصلب "دون استثناء"، حيث اقتفت دول أخرى أثر الولايات المتحدة وفرضت رسوما جمركية مماثلة على وارداتها من الصين.

فضلا عن ذلك، فإن الرسوم الجمركية الأمريكية من المتوقع أن تعطل سلسلة إمداد بمليارات الدولارات، تستخدم لتوريد الصلب الصيني إلى الولايات المتحدة عبر دول ثالثة، ما سيعزز المنافسة في السوق الدولية، ويقلص مصدرا حيويا لمبيعات الصين، التي يعاني فيها هذا القطاع بالفعل، وفقا لتحليل أجرته "رويترز".

وأمر ترمب في وقت سابق هذا الشهر بفرض رسوم جمركية نسبتها 25 % على واردات الصلب والألمنيوم، في تصعيد لجهوده التي يقول إنها لحماية الصناعات الأمريكية؛ وستطبق الرسوم على جميع الدول، بما في ذلك من كندا والمكسيك، وهما أكبر موردين أجنبيين للمعادن إلى البلاد.

وبينما لم يتضمن الإجراء أي استثناء للشركاء التجاريين، فقد أشار ترمب إلى أنه قد يفكر في استثناء أستراليا دون غيرها، مشيداً باستيرادها الطائرات الأمريكية الصنع.

فرض ترمب أيضا رسوما جمركية جديدة نسبتها 10% على السلع الصينية، ورسوما نسبتها 25% على كندا والمكسيك جرى تعليقها مؤقتا قبيل استحقاق موعد تطبيقها؛ فضلا عن ذلك، فإن هناك توجها لفرض رسوم جمركية على واردات النحاس؛ وقد تشمل قائمة الرسوم الطويلة شركاء تجاريين في الاتحاد الأوروبي.

الصلب الصيني في مأزق

اقتفت دول أثر الولايات المتحدة في فرض رسوم جمركية على وارداتها من الصين؛ وفي المقدمة كانت فيتنام، أكبر مستورد للصلب الصيني، التي أعلنت يوم الجمعة الماضي أنها ستفرض رسوم "مكافحة إغراق" تصل إلى 27.83% على بعض منتجات الصلب الصينية اعتبارا من مارس المقبل.

كانت فيتنام قد أطلقت تحقيقا بشأن مكافحة الإغراق الصيني في يوليو الماضي؛ لكن الإعلان عن نيتها فرض هذه الرسوم فاجأ الأسواق، لأنه جاء أبكر من التوقعات.

واحتلت فيتنام المرتبة الأولى كوجهة رئيسة لصادرات الصلب الصينية في 2024، حيث استوردت منها 12.77 مليون طن متري، أي ما يعادل 11.5% من إجمالي صادرات الصلب الصينية، التي بلغت أعلى مستوياتها في 9 سنوات العام الماضي.

وانضمت كوريا الجنوبية إلى قائمة الدول التي ستفرض رسوما جمركية على الصلب الصيني، حيث قالت الأسبوع الماضي إنها قررت من حيث المبدأ فرض رسوم نسبتها 38% على وارداتها من ألواح الصلب الصينية بعد اتهامات بإغراق بكين السوق بالمنتج، الذي يستخدم في بناء السفن والإنشاءات.

وحصلت كوريا الجنوبية العام الماضي على 8.19 مليون طن من صادرات الصلب الصينية، أي ما يعادل نحو 7.4% من إجمالي هذه الصادرات، لتصبح بذلك ثاني أكبر سوق لتصدير هذا المنتج من الصين.

قد تفرض الهند أيضا ضريبة مؤقتة تراوح بين 15 و25% على الصلب القادم من الصين خلال الأشهر الستة المقبلة بسبب "التحدي الخطير" الذي يواجه المنتجين المحليين من الواردات الرخيصة، وفقا لما ذكره وزير الصلب الهندي في وقت سابق هذا الشهر.

فضلا عن ذلك، فإن المفوضية الأوروبية تبحث إمكانية تشديد نظام الحصص الحالي بشأن واردات الصلب لحماية المنتجين الأوروبيين من رسوم ترمب الجمركية.

سلاسل الإمداد في خطر

أدت القيود التجارية بين عامي 2016 و2018 إلى خروج الجزء الأكبر من صادرات الصلب الصينية من السوق الأمريكية، ما فتح المجال أمام مصانع الدول التي يمكنها الوصول إلى المنتج الصيني لشراء الصلب الرخيص ومعالجته ثم بيعه للولايات المتحدة. لكن سلسلة التوريد هذه باتت اليوم في خطر، وفقا لما ذكرته 4 مكاتب استشارية متخصصة في الصين.

ستضيف المناوشات التجارية مزيدا من الضغوط على صادرات الصلب الصينية، وفقا لمذكرة صادرة عن المعهد الصيني لتخطيط وبحوث صناعة المعادن، المدعوم من الدولة. "وقد يؤدي انخفاض الصادرات والعائد إلى مزيد من التراجع في ربحية بعض الشركات".

وكانت طلبيات التسليم في الربع الأول "منخفضة للغاية، وفقا لما نقلته "رويترز" عن أحد المتعاملين في الصلب الصيني، على الرغم من أن هذه الفترة عادة ما تكون فترة زخم لطلبيات التسليم.

وذكر المتعامل الصيني أن الطلبيات التي تلقتها شركته للشحن في مارس وأبريل انخفضت بين 20-30% على أساس سنوي.

ومن شأن تضييق الخناق على صادرات الصلب الصينية أن يعزز المنافسة على أسواق أخرى في منطقة الشرق الأوسط. ولربما يؤدي انخفاض أسعار تلك الصادرات مع احتدام المنافسة على هذه السوق إلى إيجاد بؤرة جديدة لإعادة الشحن.

سمات

الأكثر قراءة