تكلفة جذب الانتباه .. كيف تعيد السوشيال ميديا تشكيل اقتصاد الإعلام؟

تكلفة جذب الانتباه .. كيف تعيد السوشيال ميديا تشكيل اقتصاد الإعلام؟

في مشهد إعلامي يتغير بوتيرة متسارعة، أصبح جذب انتباه الجمهور أكثر تكلفة من أي وقت مضى.

لم تعد المنافسة مقتصرة على القنوات التلفزيونية التقليدية أو استوديوهات الإنتاج الكبرى، بل توسعت لتشمل منصات مثل يوتيوب ووسائل التواصل الاجتماعي التي تلعب دورًا رئيسيًا في تشكيل صناعة الإعلام.

قال لـ"الاقتصادية" الرئيس التنفيذي لشركة Wonderhood Studios ديفيد إبراهام، "إن منصة يوتيوب تنفق أكثر على الاقتصاد الإبداعي مقارنة ببعض الاستوديوهات الكبرى في هوليوود، ما يجعل الاستثمار في هذا الاقتصاد بالغ الأهمية".

وأكد على هامش المنتدى السعودي للإعلام في الرياض اليوم، أن تكلفة جذب الانتباه ارتفعت بشكل كبير ليس فقط في الترفيه التقليدي عبر القنوات التلفزيونية، لكن أيضًا في الترفيه الرقمي.

وأضاف "رغم أن التعاون بين صناع المحتوى الرقمي وصناعة التلفزيون والمحتوى الطويل لا يزال محدودًا، إلا أن الأمر بدأ يتغير ببطء مع ظهور شراكات مثل حدث الملاكمة على نتفليكس وبرنامج مستر بيست على أمازون. لكن هذه التحولات لا تزال غير كافية لمواجهة التحديات المالية التي تواجه الإعلام التقليدي، خاصة فيما يتعلق بتحقيق الدخل من المحتوى".

من جانبه، قال لـ"الاقتصادية" الممثل الأمريكي جوكو سيمز، "إن وسائل التواصل الاجتماعي لم تؤثر فقط في الصناعة، بل أعادت تشكيلها بالكامل، حيث أصبح للمؤثرين على هذه المنصات تأثير مباشر في اختيارات الجمهور للأفلام والبرامج التلفزيونية".

وأضاف "يوتيوب لديه عدد أكبر من المشاهدين مقارنة بجميع قنوات البث أو حتى جميع منصات وسائل التواصل الاجتماعي مجتمعة. يوتيوب هو المستقبل".

لكن هذا التأثير لا يقتصر على المشاهدة فحسب، بل يمتد إلى الإنتاج نفسه، حيث باتت الأفلام القصيرة والمحتوى المستقل تستحوذ على اهتمام متزايد. ومع تزايد استهلاك المحتوى السريع، بدأت الاستوديوهات الكبرى تعيد النظر في كيفية اكتشاف المشاريع الناجحة، إذ أصبح عدد المشاهدات العالية على الإنترنت هو المؤشر لقيمة المحتوى وقابليته للاستثمار.

ويرى سيمز أن الاستوديوهات ستبدأ في إعطاء اهتمام فعلي للأفلام القصيرة، خاصة إذا نجحت في جذب الانتباه أو جذب عدد كبير من المشاهدين عبر الإنترنت، عندها سترغب في شرائها.

رغم الفرص الكبيرة التي أتاحتها وسائل التواصل الاجتماعي لصناع المحتوى، إلا أن التمويل لا يزال يمثل معضلة رئيسية، خاصة عندما يتعلق الأمر بالمحتوى عالي التكلفة مثل المنافسات الرياضية المباشرة أو الإنتاجات الدرامية الفاخرة.

يوتيوب وفر منصة ضخمة لتوزيع المحتوى، لكنه في الوقت نفسه غيّر طريقة استهلاك الجمهور وجعل عملية تحقيق الدخل أكثر تعقيدًا بحسب إبراهام.

وأوضح أن هناك تحديا في كمية المحتوى الذي يمكن ويجب مشاركته مجانًا مقارنة بالمحتوى الذي يمكن تحقيق الدخل منه، لذا يمكن اعتبارها عملية توازن بين أنواع مختلفة من الوسائط.

في ظل هذه التغيرات، يبدو أن صناعة الإعلام تسير نحو نموذج أكثر مرونة، فمع تداخل وسائل الإعلام التقليدية مع الرقمية، أصبح النجاح مرتبطا ليس فقط بجودة المحتوى، بل بقدرته على جذب الانتباه وتحقيق العوائد المالية.

الأكثر قراءة