التحول السياحي في القطب الجنوبي .. من الاستكشاف العلمي إلى ضجة المنصات

التحول السياحي في القطب الجنوبي .. من الاستكشاف العلمي إلى ضجة المنصات
في 2024 شهدت القارة القطبية زيارة 123 ألف سائح. "الفرنسية"

كانت القارة القطبية الجنوبية ذات يوم وجهة بعيدة أسطورية تقريبا على أطراف العالم.

لكن الآن، يمكن لعدد أكبر من الأشخاص استكشاف الجبال الجليدية الشاهقة ومستعمرات البطاريق والمضايق الخلابة، وليس فقط المستكشفين والمغامرين المنفردين.

زار ما يقارب 8 آلاف شخص القارة منتصف التسعينيات. ارتفع هذا العدد بعد عقد إلى 20 ألفا. وفي 2024، شهدت القارة ما يقارب 123 ألف زائر معظمهم من المؤثرين في وسائل التواصل الاجتماعي أو أشخاص تأثروا بمنصات مثل تيك توك، بحسب ما نقلته "ساوث تشاينا مورنينج بوست" عن وكالة الأنباء الألمانية.

تقول آن هاردي، أستاذة السياحة في جامعة تسمانيا في أستراليا: "لا يمكنك مقارنة الأرقام بالبندقية أو برشلونة أو جزيرة في في.. لكن ما نشهده في القارة القطبية الجنوبية هو تنويع متزايد، وابتعاد عن السياحة المتخصصة".

ورغم صعوبة الوصول إلى القارة وتكلفتها العالية، إلا أن تزايد عدد الزوار يهدد بفقدانها التميز. "تصبح القارة القطبية الجنوبية شيئا فشيئا وجهة سفر "اعتيادية"، مكانا مثل عديد من الأماكن الأخرى"، كما تقول هاردي.

وتضيف: "قبل بضعة أعوام، انتشرت فجأة وسوم مثل #AntarcticTourism (السياحة في أنتارتيكا) و#DrakePassage (ممر دريك) على الإنترنت"، في إشارة إلى المضيق الواقع بين طرف أمريكا الجنوبية وشبه الجزيرة القطبية الجنوبية، المعروف بأمواجه المتقلبة.

يدرك عديد من المؤثرين أنه كلما كانت الوجهة التي يسلطون الضوء عليها أبعد، زادت احتمالية جذب المتابعين. ولهذا السبب، يشاركون مقاطع فيديو لأنفسهم على خلفية من الجبال الجليدية التي يمكن أن تحقق ملايين المشاهدات.

تجذب "تيك توك" عادة جمهورًا أصغر سنا من إنستجرام أو فيسبوك - لذلك ليس من المستغرب أن تكون سوق القارة القطبية الجنوبية لهذه الفئة العمرية قوية بشكل خاص، كما تقول هاردي.

يسافر كثيرون إلى القارة القطبية الجنوبية لزيادة أعداد متابعيهم، بينما يتبعهم آخرون في زيارتها. يتناقض هذا النوع من سياح القارة القطبية الجنوبية بشكل صارخ مع البعثات العلمية التقليدية التي يكون غرضها معالجة المخاوف البيئية أو استكشافها.

ورغم أن البحث والسياحة في المحيط الجنوبي يتعايشان منذ فترة طويلة، إلا أن هذه التطورات الأخيرة أفزعت تحالف القارة القطبية الجنوبية والمحيط الجنوبي.

يقول ريكاردو رورا، المستشار الأول للتحالف: "من المعروف أن القارة القطبية الجنوبية هي واحدة من آخر المناطق الكبيرة غير المأهولة على وجه الأرض، لكننا نشهد الآن خطر تحولها إلى ساحة مغامرة للبشر لتسلية أنفسهم"، مشيرا إلى ضرورة تنظيم السياحة في المنطقة.

كما يشير إلى صعوبة تتبع التأثيرات السلبية للسياحة في المنطقة وضرورة تنظيمها. ورغم وجود إرشادات لحماية البيئة، لا تزال قضايا مثل الجسيمات البلاستيكية الصغيرة والتلوث الضوضائي مصدر قلق. ومع وجود 50 إلى 100 موقع سياحي شهير في القارة القطبية الجنوبية، فإن العدد الكبير من الزوار يؤدي حتما إلى التسبب في أضرار.

كما يعبر عن قلقه بشأن مئات السياح الذين يدخلون مستعمرات البطاريق. رغم أن الأعداد المسموح بدخولها محدودة وشرط الحفاظ على مسافة بضعة أمتار من الحيوانات، إلا أن هذا يحدث كل يوم.

مع ذلك، تقول الرابطة الدولية لمنظمي الرحلات السياحية إلى القارة القطبية الجنوبية "إن دراسة أجريت في 2019 تشير إلى أن البطاريق لا تظهر مستويات مرتفعة من هرمونات التوتر ولا يبدو أنها منزعجة من زوارها". كما تؤكد على تطبيق الموظفين في الموقع للقواعد والإرشادات.

يستند عديد من القواعد الخاصة بالسياح إلى "معاهدة القارة القطبية الجنوبية"، التي دخلت حيز التنفيذ في 1961 وتضم أكثر من 50 دولة عضوا. تنص المعاهدة على الاستخدام السلمي للقارة لأغراض سلمية فقط، مع التركيز على البحث العلمي، وحظر الأنشطة العسكرية.

هناك مخاوف من أن بعض الدول قد تدفع نحو بناء بنية سياحية مثل الفنادق في المنطقة، وهو أمر محظور حاليا، والمبيت الوحيد المسموح به هو في الخيام.

الأكثر قراءة