تغذية معرفية يتطلبها الموظف وسوق العمل
شهدت سوق العمل السعودية خلال السنوات العشرة الماضية تطورات ملموسة في أركان أساسية لسوق الوظائف تمس العاملين والملتحقين الجدد لسوق العمل. يعد هذا التطور نتاج لخطة أساسية استهدفت أولا توفير الوظائف وتوطينها بزيادة نسبة المشاركة الوطنية لقوة العمل، وفتح آفاق جديدة لمشاركة السعوديات في قطاعات أكثر أتاح استغلال للكوادر الوطنية.
خلال هذه السنوات العشرة تراجعت نسبة البطالة في السعودية حتى وصلت إلى 7.1% بحسب آخر إحصائيات العام 2024 علما بأن هذه النسبة كانت مستهدف الرؤية 2030, لأن الأهداف حققت بأسرع من جدولها الزمني عدلت القيادة المستهدف لمعدل البطالة ليكون 5% بحسب تصريح وزير الموارد البشرية، يشكل هذا التعديل تغير بمعدل 40% عن مستويات البطالة الحالية. يرفع هذا التعديل سقف التحدي لخفض معدل البطالة ولتعزيز دور دائرة استغلال الموارد البشرية في المملكة. لفهم طبيعة تغيير المستهدف لا بد أن ننظر إلى معدلات البطالة في السنوات الماضية وكيف تغيرت خلال هذه المدة، في العام 2014 كانت تمثل البطالة في السعودية 12% تقريبا وهذا يمثل تراجعا في معدلات البطالة بـ42%.
كان الوزن الأكبر المشكل لمعدلات البطالة من السعوديات بمعدل 33% وهذا لوحده شكل تحديا أمام خفض معدلات البطالة، واستجابة لهذا التحدي أتحيت قطاعات أكبر وفرص أكثر للعنصر النسائي فيها، شكل هذا تغيير جوهري إيجابي في تركيبة سوق العمل، كذلك كان لتأهيل الكوادر من الجنسين بما يتماشى مع احتياج السوق تحد آخر وضع له برامج تدريبية وتأهيلية تدعم دخول إلى سوق العمل.
أما في جانب التعليم بدأت الجهات التعليمية تتحرك بشكل يستجيب لسوق العمل واحتياجاتها.
جنبا إلى جنب مع زيادة موائمة سوق العمل السعودية وتهيأت الكوادر الوطنية لشغل مزيد من الوظائف وخلال رحلة السعودية لتطوير القطاع الخاص واستقطاب استثمارات وشركات أجنبية لتكون مقرها الإقليمي، كان لهذا أثر غير مباشر في تطوير بيئة العمل وزيادة جاذبيتها من حيث معدلات الرواتب، المزايا الوظيفية، المكافآت وغيرها من المزايا التي أدخلت إلى مفهوم العاملين في القطاع الخاص ولم تكن موجودة أو نادرة في السنوات الماضية وكان لهذا دورة في تعزيز التنافسية بين المنشآت لاستقطاب الكفاءات إليها. فهذه الخطوات أيضا أسهمت في الارتقاء بسوق العمل بشكل غير مباشر.
بعد أن نجحت السعودية في تخفيض معدلات البطالة بشكل أسرع من المستهدف الزمني وحفزت الخطط كثيرا من الشركات العالمية للترخيص والعمل فيها ما أسهم في رفع كفاءة وترقية بيئة العمل والوظائف فيها، أصبح لزاما على شركات الأبحاث أن تعطي هذا التطور اهتماما أكثر لقياس أثر التغيير في المجتمع الوظيفي وللعب دورها في المساهمة بالتوعية والتعريف أكثر بماهية الفرص وطبيعتها ومعدلات الدخل فيها.
إن اهتمام الشركات البحثية والاستشارية بطبيعة سوق العمل في السعودية محدود ونتائج الأبحاث الصادرة قليلة جدا لا تسقي عطش العاملين إلى معرفة حال السوق. كيف لموظف في قطاع معين أن يعرف معدل ما يتوقع أن يحصل عليه من رواتب ومكافآت ومزايا بالمقارنة مع القطاع! وكيف لعامل أن يعرف ما هو المعدل المتوسط للزيادات في قطاعه؟.
هذه التساؤلات لن تجاوبها الشركات أو الأحاديث العامة هذه الأسئلة تتطلب مشاركة بحثية واستشارية تسهم في زيادة الارتقاء في سوق العمل أكثر وأكثر بزيادة الوعي المعرفي للعاملين فيه، وهذا الدور سيسهم في زيادة اتضاح الصورة لسوق الوظائف بعد التطور الكبير في معدلات البطالة وتحسين بيئة العمل. ولمثل هذه الأبحاث دور في زيادة تنافسية الشركات في استقطاب الكوادر.