نسبة ديون الأسر في السعودية متدنية
في تقرير صحافي عن مؤشرات نسب ديون الأسر مقارنة بالناتج المحلي لتلك الدول، وتم تقسيم الدول إلى فئتين هما دول الاقتصادات المتقدمة ودول الاقتصادات الناشئة، وذلك لمقارنة حجم تلك الديون نسبة إلى الناتج المحلي، ومقارنتها بالحالة في السعودية.
وقد أظهرت الإحصاءات أن متوسط حجم ديون الأسر التي تشمل التمويل الاستهلاكي وبطاقات الائتمان والتمويل العقاري أيضا، أظهرت الإحصائيات تفاوتا شاسعا بين الاقتصادات المتقدمة والاقتصادات الناشئة، وفي المقابل أيضا هناك تفاوت بين حجم ديون الأسر في السعودية والاقتصادات الأخرى.
وقد كانت نتيجة الدراسة أن نسب ديون الأسر إلى الناتج المحلي بين الدول المتقدمة بين 73% و78% في الفترة بين 2019، و2024، في حين إن هذه النسبة راوحت بين 18% و20% للاقتصادات الناشئة، ما يعكس الفارق الكبير بين اقتصادات الدول الناشئة والمتقدمة لما يصل إلى ما يقارب الأربعة أضعاف، وفي المقابل جاءت النسبة أقل بكثير في السعودية حيث كانت 5% في 2023 و6% في 2024، حيث بلغت الديون الاستهلاكية نحو 180 مليار ريال، وكان نصيب الديون الاستهلاكية 102 مليار ريال بينما الديون العقارية نحو 78 مليار ريال في 2023.
ولعل لهذا أسبابا، منها الدعم الحكومي للتعليم والإسكان، حيث لا تأخذ الجامعات الحكومية في السعودية أي مبالغ على الطلبة باستثناء جامعة واحدة التي تأخذ مبلغا رمزيا لمرحلة البكالوريوس، بل إن عموم الجامعات تقدم مكافأة شهرية للطالب، ما يعني عدم وجود الحاجة إلى الاستدانة بغرض الحصول على مقعد للدراسة في الجامعة، في حين إن تكلفة الحصول على مقعد في مجموعة من دول العالم يتطلب مبالغ باهظة وغالبا ما يستدين الطالب من البنوك بفوائد مدعومة نسبيا بغرض الدراسة الجامعية، وإذا ما نظرنا إلى تكلفة ذلك للزوج والزوجة فسيكون دينا باهظا تتحمله الأسر في مجموعة من الدول المتقدمة، كما أن المواطن في السعودية يحصل على دعم للحصول على السكن ما يخفض تكلفة احتياجه للتمويل العقاري مقارنة بالأسر في الدول المتقدمة التي لا يحصل مواطنوها على دعم خاص بالسكن.
من الأسباب أيضا القيود الخاصة بالتمويل الشخصي لدى البنوك السعودية، هي تقتضي قواعد مبادئ التمويل المسؤول للأفراد ألا يتجاوز حد التمويل نسبة محددة من الراتب، كما أن أقصى مدة لسداد التمويل الشخصي هي 5 سنوات، ما يحد من حجم التمويل الذي يقدم للأفراد، ولا شك أن هذا يراعي حالة الأفراد وعدم تشجيعهم على المبالغة في الاستدانة بما يؤدي في نهاية الأمر إلى التزامات كبيرة تؤثر في مستوى معيشتهم وقدرتهم على تغطية تكاليف احتياجاتهم المستقبلية خصوصا الأبناء.
وهنا يمكن أن نتساءل هل زيادة نسبة ديون الأسر إلى الناتج المحلي هي ظاهرة صحية للاقتصاد باعتبار أنها تدعم الاستهلاك، ما يؤدي إلى نشاط أكبر في السوق تنشأ عنه فرص أكبر للأنشطة التجارية وفرص للوظائف، أم أن الحد من الديون الاستهلاكية يعد ظاهرة صحية، إذ إن زيادة الأعباء المالية على الأسر عائق عن تلبية احتياجاتها مستقبلا.
فالخلاصة أن نسبة ديون الأسر في السعودية متدنية، ما يعكس أثر الدعم الحكومي لقطاع الخدمات مثل التعليم والصحة والإسكان، ويبقى أن التوازن فيما يتعلق بالاستهلاك ظاهرة صحية للاقتصاد، باعتبار أن زيادة النشاط الاستهلاكي تنعكس على نشاط السوق وفرص أكبر للأنشطة التجارية والوظائف.