خبراء: 3 مشاريع خليجية للهيدروجين الأخضر قادرة على سد فجوة الإنتاج الأوروبية
يواجه الاتحاد الأوروبي تحديات كبيرة في سعيه لتحقيق أهدافه الطموحة المتعلقة بالطاقة النظيفة، ويعد الهيدروجين الأخضر جزءا أساسيا من إستراتيجية الاتحاد الأوروبي لتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050، إلا أن هناك شكوكا متزايدة حول قدرته على تلبية احتياجاته من هذا المورد الحيوي محليا. في هذا السياق، بات تعاونه مع دول مجلس التعاون الخليجي ضرورة ملحة لضمان تحقيق هذه الأهداف.
الدكتور نيك برارور، الخبير في مجال الطاقة النظيفة، يكشف بالأرقام عجز بلدان الاتحاد الأوروبي عن تحقيق أهدافها بمفردها في مجال إنتاج الهيدروجين الأخضر. ويعلق لـ"الاقتصادية" قائلا "أعلنت هيئة المدققين الأوروبية أن أهداف الاتحاد الأوروبي لإنتاج وقود الهيدروجين الأخضر غير واقعية ومن غير المرجح تحقيقها، على الرغم من مليارات اليوروهات التي ضخها الاتحاد الأوروبي".
ويواصل قائلا "المفوضية الأوروبية حددت أهدافا لإنتاج ما يصل إلى 10 ملايين طن من الهيدروجين المتجدد بحلول عام 2030، واستيراد 10 ملايين طن أخرى، إلا أن وكالة الطاقة الذرية كشفت أن الاتحاد الأوروبي بعيد كل البعد عن تحقيق تلك الأهداف، وذلك على الرغم من توفيره تمويلا بقيمة 18.8 مليار يورو لمشاريع الهيدروجين الأخضر".
لا شك أن القيود الجغرافية والمناخية تلعب دورا رئيسا في هذا العجز الأوروبي. فالاتحاد الأوروبي يعاني نقص المساحات الشاسعة والظروف المناخية المثالية التي تعد ضرورية لتطوير مشاريع كبيرة للطاقة الشمسية والرياح، التي تعد أساسية لإنتاج الهيدروجين الأخضر.
يضاف إلى ذلك أن أوروبا، رغم بنيتها التحتية المتطورة، تعاني قيودا في التوسع السريع لإنتاج الهيدروجين الأخضر، إذ تتطلب الصناعة مساحات كبيرة، وهو ما يتعارض مع التركيبة الجغرافية والتوسع العمراني الكثيف في عديد من الدول الأوروبية.
في مواجهة تلك التحديات، يتجه الاتحاد الأوروبي بشكل متزايد نحو تعزيز التعاون مع دول مجلس التعاون الخليجي، ولا سيما السعودية والإمارات اللتين تتمتعان بإمكانات كبيرة في إنتاج الهيدروجين الأخضر بكميات كبيرة وتكلفة منخفضة.
من هذا المنطلق، تشير الباحثة في مجال الاقتصاد الأوروبي بيبا كريس إلى مشروع "نيوم" للهيدروجين الأخضر في السعودية باعتباره حجر الزاوية في إحداث نقلة نوعية في التعاون الأوروبي السعودي في مجال الهيدروجين الأخضر. وتعلق لـ"الاقتصادية" قائلة: "المشروع يهدف إلى بناء أكبر منشأة لإنتاج الهيدروجين الأخضر في العالم بقيمة 8 مليارات دولار بحلول عام 2026. هذا المشروع سيكون حجر الزاوية في جهود السعودية لتصدير الهيدروجين الأخضر إلى أوروبا، ومن المخطط له أن ينتج 650 طنا من الهيدروجين الأخضر يوميا، ما يعادل 1.2 مليون طن من الأمونيا الخضراء سنويا".
وهناك مشروع آخر في السعودية أيضا، وهو مشروع "هيليوس"، الذي يركز على إنتاج الهيدروجين الأخضر مع استهداف الأسواق الأوروبية بشكل رئيس.
وتضيف: "كما أن دولة الإمارات، من خلال شركة "مصدر"، تعمل على تطوير مشاريع الهيدروجين الأخضر بالتعاون مع شركات أوروبية، من بينها شركة سيمنز الألمانية، مع التركيز على التصدير للأسواق الأوروبية".
يعد بعض الخبراء مشروع "التعاون في مجال التحول الأخضر بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي"، الذي أعلن خلال فعاليات القمة العالمية للطاقة المستقبلية التي استضافتها أبو ظبي في أبريل الماضي، يمثل الإطار العام الذي يحدد أسس التعاون بين الطرفين في هذا المجال.
ويعلق الدكتور نيك برارور لـ"الاقتصادية" قائلا "هذا التعاون مبني على عدد من القواعد المشتركة، فالاقتصاد الأوروبي والخليجي يمثلان 20 % من الاقتصاد العالمي، والطرفان معا يمثلان أكثر من نصف الاستثمارات الأجنبية المباشرة على المستوى العالمي. تعزيز التعاون المشترك في مجال الطاقة سيضمن تحقيق نقلة نوعية بين الطرفين تتجاوز الطاقة إلى مجالات أخرى في التكنولوجيا، خاصة في ظل التقديرات العالمية أن منطقة الخليج العربي ستصبح منتجا ومصدرا رئيسا للطاقة المستدامة في النصف الثاني من هذا القرن".
ويضيف: "اختيار البلدان الأوروبية التوجه إلى مزيد من التعاون في مجال إنتاج واستيراد الهيدروجين الأخضر مع البلدان الخليجية يعود إلى أن المنظومة السياسية والاقتصادية تعد واحة من الاستقرار في منطقة مضطربة من العالم، ما يجعل الجانب الأوروبي أكثر ثقة باستقرار الإمدادات من الهيدروجين الأخضر على المدى الطويل".
يضاف إلى ذلك أن المفهوم الاقتصادي الخليجي مبني على أساس تعزيز دور القطاع الخاص، وهذا يعد ملائما ومتسقا مع المفاهيم والقيم الاقتصادية الأوروبية.