التمويل الاستهلاكي وتفاوت التكلفة والوعي
التمويل الاستهلاكي أحد أهم المنتجات التي تقدمها المؤسسات المالية، وقد تنوعت صوره في الفترة الأخيرة في ظل النمو لقطاع التقنية المالية، إضافة إلى العمل الكبير من البنك المركزي السعودي وغيره من القطاعات ذات العلاقة لتشجيع الاستثمار بصورة كبيرة في القطاع المالي، الذي يشهد نموا كبيرا خلال الفترة الحالية. في الفترة الماضية حصل نوع من النقاش في مواقع التواصل الاجتماعي عن إحدى منصات التمويل الاستهلاكي التي تقدم التمويل ولكن تأخذ عائدا عاليا مقابل هذا التمويل، وتقدم تمويلا متناهي الصغر لتغطية الأفراد بعض احتياجهم، وهذا في رأي البعض فيه تكلفة كبيرة ونوع من الاستغلال، وقد يبالغ البعض ويرى أنه جشع في ظل ارتفاع العائد على فترة قصيرة، وعند مقارنته بتكلفة التمويل الذي تقدمه البنوك سنجد أن العائد لتلك المنصات أضعاف تكلفة التمويل الذي تقدمه البنوك.
التمويل الاستهلاكي أحد الاحتياجات التي قد لا يستغني عنها الأفراد للظروف المختلفة التي يمر بها الفرد والتي قد يكون بعضها استثنائيا في حياة الشخص، فعلى سبيل المثال تكاليف الزواج الذي قد يكون مرة واحدة في حياة الشخص وهي احتياج إنساني، أو تكلفة شراء مركبة، الذي قد يحتاج إليه الفرد كل عشرة أعوام، والحاجة هنا ظاهرة، فبالنظر إلى السيارة مثلا نجد أن تكلفة التنقل بسيارة الأجرة مكلف جدا إذا ما كان سيتم على كل ما يحتاجه الفرد، ولذلك فالسيارة في ظل هذه الظروف احتياج للتنقل للعمل والاحتياجات الأخرى.
في المقابل نجد أن هناك من يسيء التعامل مع التمويل الاستهلاكي باستخدامه في احتياجات كمالية، ما يعني أن هذا سيزيد من تكلفة الحصول على احتياجاته وبالتالي التعرض بصورة أو أخرى لتآكل دخله، فالإشكالية ليست في وجود التمويل الاستهلاكي لكن في سوء استخدامه.
إحدى صور سوء التعامل مع التمويل الاستهلاكي أن الفرد يستنفد جميع صور التمويل الاستهلاكي، حيث يحصل على تمويل من البنك ومن بعد أن يصل إلى الحد الأقصى يأخذ سلفة من منصات التمويل التي تأخذ عوائد عالية وبعدها خدمات "الشراء الآن والدفع لاحقا"، ويتم ذلك بالشراء من خلال البطاقات الائتمانية فتجد أن دخله الشهري يذهب مباشرة لتلك الجهات.
أهمية وعي المستهلك في هذه المرحلة مع تعدد المغريات للحصول على التمويل أمر بالغ الأهمية، وهنا من المهم أن يدرك الفرد أن هناك فروقا بين التعامل مع البنوك أو منصات التمويل من خلال التقنية المالية التي تأخذ عوائد عالية والسبب في ذلك أن البنوك تقدم جزءا من التمويل من خلال الودائع التي تعد تكلفتها منخفضة عليها، كما أنها لا تقدم التمويل الاستهلاكي إلا بعد أن يكون لديها ضمانات مثل تحويل الراتب كما أنها تقدم تمويلا تدرك أن العميل يستطيع سداده باعتبار أن هناك حدا أقصى لنسبة الاستقطاع. في المقابل فإن شركات التقنية المالية ليس لديها كل هذه الأمور السابقة بل الأكيد أنها تتعامل في الأغلب مع فئة لا تقبل البنوك تمويلها، وبالتالي فالمخاطر عليها عالية جدا.
فالخلاصة مع النشاط الاقتصادي الكبير في السعودية والتوسع في نشاط القطاع المالي بما في ذلك التقنية المالية والدعم من قبل الجهات ذات العلاقة لإيجاد سوق نشطة وتنمو في مختلف المجالات الاقتصادية باتجاه تنويع مصادر الدخل وتحقيق الاستدامة للاقتصاد، من الأهمية أن يكون هناك وعي كاف بأثر القرارات التي يتخذها الفرد فيما يتعلق باحتياجاته التمويلية، علما بأن فرق التكلفة سيكون ظاهرا بين البنوك وشركات التقنية المالية.