حالة جدلية .. موظف مهم سمعته سيئة

 نقابل أحيانا في أماكن عملنا موظفين مهمين لا يحصلون على القَبول من زملائهم وجماهيريتهم متدنية. ربما كانت شخصياتهم أقرب إلى مثيري الجدل، فهؤلاء مهمين، مشاكسين، لا يمكن الاعتماد عليهم بسهولة، يحبون المناورة عند النقاشات الجادة، يستسهلون المبالغة في الوعود ولديهم قائمة طويلة من فنون التبرير واختلاق الأسباب المختلفة. ومع كل ذلك، تجدهم مجتهدين ولديهم مسؤوليات حساسة ويعتمد عليهم رؤسائهم في أماكن عملهم. السؤال: لماذا يظهر مثل هؤلاء الموظفين بهذه الطريقة؟ هل هو مجرد ضعف في مهارات التواصل؟ أم أن زملاءهم يتنمرون عليهم غيرة وحسدا، أم أن لديهم مشكلات سلوكية وأخلاقية ورغم أعمالهم المهمة ينبغي على المنظمة التخلص منهم؟

عندما يقوم مثل هذا الموظف بأدوار محورية أو لديه أدوار قيادية في مكان العمل تصبح معالجة وضعه أمرا ملحا ومهما. تلعب الديناميكيات الشخصية دورا محوريا في بناء أو هدم بيئة العمل. عدم التعامل مع هذه الحالات يمكن أن يؤدي إلى فقدان كبير للإمكانات وتلف للثقافة التنظيمية عامة.
لتقييم مثل هذه الحالات ينبغي التوقف عند ستة عوامل رئيسة. العامل الأول هو تكرار السلوك. إذا تكررت التصرفات التي تظهر وبأنها مخادعة في أكثر من موقف فهذا أمر يثير القلق حيال نزاهة الشخص وقدرتنا على الوثوق به. عندما تتكرر مثل هذه السلوكيات يصبح من الضروري التساؤل عن نواياه الحقيقية ومعاييره الأخلاقية. الثاني، فهم دوافع الموظف أمر حاسم في التمييز بين السلوك السيئ للموظف وفهمنا الخاطئ له. إذا كان الموظف يعطي الأولوية باستمرار للمنفعة الشخصية على حساب الأولوية الجماعية، فإنه يشير إلى عيوب شخصية أعمق. الثالث، تقدم تصورات الزملاء والمرؤوسين رؤية قيمة حول سلوك هذا الموظف لا ينبغي تجاهلها، مع أهمية مراعاة التحيزات والتفسيرات الخاطئة. الرابع، تقييم سجل الأداء والإنجازات للفرد يمكن أن يساعد على تقييم موثوقيته والتزامه العام. إذا استمر الأداء دون المستوى المطلوب، فإن ذلك يشير إلى وجود علامات استفهام ويدل على ضرورة إجراء مراجعة دقيقة.
خامسا، إلى أي حد نجد هذا الموظف مستعد لبناء الثقة وتحسين التواصل؟ الاستعداد هنا هو علامة إيجابية، وعدم الاستعداد مؤشر لوجود تحديات أخرى مرتبطة بالنرجسية والأنانية أو الجهل بمهارات التطوير المهني اللازمة. السعي النشط للحصول على التغذية الراجعة والمشاركة في الحوارات المفتوحة والالتزام بمعالجة مناطق سوء الفهم يشير إلى إمكانية التطور. الردود الدفاعية تشير إلى عدم الاستعداد والإنكار قد يعني المقاومة والغياب الكبير عن الواقع. سادسا، مراعاة تأثير سلوك هذا الشخص على زملائه ومرؤوسيه أمر حاسم. إذا كانت أفعاله تؤثر سلبًا على استقرار الآخرين ورضاهم في العمل أو أدائهم، فإن ذلك يشير إلى وجود تفاحة فاسدة في الصندوق ينبغي التعامل معها، هي ليست حالة تنمر جماعي على ضحية وليست فرصة لتطوير المهارات.
قد تتدرج الحلول لمثل هذه الحالات من تطوير مهارات التواصل وتحسين السمعة والعلامة الشخصية Personal Branding  إلى معالجة مشكلات مستشرية أكبر مثل التنمر الجماعي، وربما تكون هناك حاجة ماسة للتخلص من أحد عناصر الفريق على وجه السرعة. التقييم الجيد والعادل والمعالجة المباشرة ضرورة ملحة.
من خلال النظر بعناية في عوامل مثل تكرار السلوك، النية، التعامل مع التغذية الراجعة والتأثير في الآخرين، يمكننا اتخاذ قرارات مدروسة واتخاذ الإجراءات المناسبة.
إذا فشلنا في التمييز بين الفهم الخاطئ والسلوك السيئ، فقد نتسبب في إضاعة الفرص القيمة للتطوير والتقدم في مكان العمل، وقد يؤدي ذلك إلى تدهور الأداء العام وتوتر شبكة العلاقات في أماكن العمل. وبتوفير الدعم والمحفزات اللازمة، يمكننا تعزيز فهم السلوك السلبي والعمل على تحويله إلى سلوك إيجابي وبناء فريق قوي ومنتج.           

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي