Author

تقنية الجيل السادس وتطوير المدن

|

*أستاذ وباحث في الهندسة والأنظمة الابتكارية

في العصر الحديث، أصبح تطور التكنولوجيا بوتيرته السريعة يلعب دورا حيويا في تطوير المدن وتحسين جودة الحياة للسكان، وهنا تبرز ملامح تقنية الجيل السادس (6G) التي تعمل كمحرك رئيس للتحول نحو مستقبل رقمي متقدم، خاصة في تنمية المدن الذكية وتطورها، كونها تقدم مزايا فريدة تفتح آفاقا جديدة للابتكار والتطور في مختلف القطاعات، ما يسهم بشكل فعال في تحقيق التنمية المستدامة وتحسين جودة الحياة، ولعلي في هذا المقال أعطي لمحة مختصرة حول التعريف بها ومزاياها واستخداماتها والتحديات التي تواجهها والتأثير الذي تلعبه في تطوير المدن بشكل عام.

تقنية الجيل السادس، هي الجيل القادم من تكنولوجيا الاتصالات اللاسلكية، التي يتوقع أن تكون خليفة لتقنية الجيل الخامس (5G) الحالية، رغم أنها لا تزال في مراحل البحث والتطوير الأولية، ومن المتوقع أن تستغرق الأبحاث وتطوير البنية التحتية اللازمة لهذه التقنية عدة سنوات قبل أن تصبح جاهزة للتطبيقات بمختلف أنواعها، حيث تشير التقديرات إلى أن الإطلاق التجاري لتقنية الجيل السادس قد يحدث بين الفترة الزمنية بين 2030 و2035 في مختلف الدراسات الاستشرافية.

وتتصف هذه التقنية بعدة مزايا من ذلك، سرعة اتصال تفوق بمئات المرات مقارنة بما تقدمه تقنية الجيل الخامس، حيث تصل إلى 100 جيجابايت في الثانية، ما يمكن من خلالها نقل ومعالجة البيانات بكفاءة عالية جدا، وتغطية اتصال أوسع بما في ذلك في المناطق النائية، وهي تدعم تطبيقات الذكاء الاصطناعي، فمن المتوقع أن تدمج تقنية الجيل السادس بشكل أعمق مع تطبيقات الذكاء الاصطناعي لتقديم خدمات مخصصة ومحسنة بشكل ذاتي بناء على البيانات المتاحة وتحليلها، ومن المتوقع أيضا أن تكون هذه تقنية أكثر كفاءة في استهلاك الطاقة مقارنة بالحالية، وذلك بفضل التقنيات المتقدمة في إدارة الشبكات وتحسين الأجهزة، ويتوقع لها أن تحدث ثورة حقيقية في مجال التكنولوجيا وتغيير وجه المدن بشكل جذري وتحويلها إلى مدن ذكية ومستدامة، حيث ستصبح البنية التحتية متصلة بشكل كامل ومستدامة، وستتمتع بشبكات اتصالات فائقة السرعة وموثوقة، وستكون هناك فرص جديدة لتطوير القطاعات الحيوية في المدن، مثل الصحة، والتعليم، والنقل، والطاقة والأمن وغيرها من القطاعات.

إلا أن تطبيق ذلك وتحقيقه يتطلب تجاوز عديد من التحديات، مثل البنية التحتية، كون هذه التقنية تحتاج إلى بنية تحتية متقدمة وشاملة، وتحديث الشبكات القائمة، وتطوير المعايير التقنية لها، مثل تحديد ترددات الاتصال الجديدة التي تتجاوز النطاقات المستخدمة حاليا خاصة مع الزيادة الهائلة في كمية البيانات المتبادلة والأجهزة المتصلة، ما يتطلب تطوير حلول جديدة أيضا لتخصيص الطيف الترددي واستغلاله، وضمان توافق هذه التقنية مع الشبكات القائمة والتكنولوجيات المختلفة لتحقيق انتقال سلس بين الأجيال المختلفة لتقنيات الاتصال، وذلك يتطلب استثمارات ضخمة في مجال البحث والتطوير والابتكار، أضف إلى ذلك وجود تحدي ضمان أمان الشبكات وحماية خصوصية المستخدمين في وجه التهديدات السيبرانية المتطورة، ولتجاوز هذه التحديات، أرى أن الأمر يتطلب جهودا مشتركة من جميع الجهات المعنية ذات العلاقة، والشركات، والأكاديميين، ومراكز الأبحاث، لتطوير تقنيات مبتكرة، ووضع معايير لتحقيق التوازن بين هذا التقدم التكنولوجي والمسؤولية الاجتماعية والبيئية، وذلك لتحقيق التنمية المستدامة ورفاهية المجتمعات في المستقبل.

إنشرها