معدلات فائدة آمنة تعزز شهية الادخار
يغلب على شريحة واسعة من المجتمع الوظيفي اليوم في القطاعين العام والخاص فئات لم يعاصروا في مراحل وعيهم المالي إلا حقبة أسعار الفائدة المنخفضة التي بقيت سائدة منذ الأزمة المالية العالمية 2008 كأحد تداعيات الأزمة ذلك الوقت، وسبيل مهم لتجاوزها وضخ السيولة في الاقتصاد عبر التيسير الكمي، وبسببه ذاع صيت رئيس البنك الفيدرالي الأمريكي "بيرنانكي" رغم استغراب العالم حينها من هذه الحلول إلا أنها أحرزت نتائجها في تعزيز الاقتصاد، وأدخلت الأسواق المالية كذلك في موجة صاعدة مستمرة إلى وقتنا الحاضر، على خلاف ما واجهه "بيرنانكي" فإن رئيس الفيدرالي الأمريكي الحالي "باول" في حرب لمواجهة التضخم بعد وصول معدلاته بشكل متسارع إلى مستويات قياسية كانت الأعلى في 40 سنة متجاوزا 9 % ما دفع المركزي الأمريكي زيادة أسعار الفائدة في 16 قرارا من المركزي، 14 منها متتالية دفعت أسعار الفائدة الأمريكية من 0.25 % إلى 5.5 %، ولكم أن تتصوروا ماذا يعني تضاعف الفائدة 22 مرة على شهية المودعين، وكم ستخلف من ضغط على المقترضين أفرادا وشركات.
الإنسان يتقبل ما يعتاد عليه، ولم تكن البنوك تقدم سعر فائدة مغريه على الأموال المودعة لديها من العملاء بسبب كل الظروف التي مرت من الأزمة المالية العالمية، وعلى خلاف السعي نحو تحصيل العوائد من الأرصدة، كان الاقتراض أكثر رواجا بسبب انخفاض تكلفة التمويل حتى العام الماضي. بسبب الطبيعة الاستهلاكية للأفراد وانخفاض تكلفة الإقراض تزايد نمو القروض الشخصية. لم تكن هذه حالة محلية، بل سادت بسبب التكلفة المنخفضة للنقود.
يضع برنامج تطوير القطاع المالي تعزيز ثقافة الادخار في السعودية أحد أهدافه الرئيسة، وقياسا على أهمية هذا الهدف، قدم المركز الوطني لإدارة الدين أول أدواته المقدمة للأفراد، وهي صكوك حكومية (صح) على أن يكون هذا الطرح شهريا للأفراد وبمعدلات تمثل المعدلات السائدة اليوم، فكان الطرح الأول عند معدل 5.64 % استطاع جذب 35 ألف مشارك، وجمع ما قيمته 861 مليون ريال، بشكل مبسط فإن متوسط المشاركة يقترب من 25 ألف ريال لكل حامل صك.
متوسط المشاركة في منتج "صح" يعزز فكرة تزايد الاهتمام بالادخار، الأهم من ذلك أن البيئة بشكل كامل أصبحت تعزز الفكر الادخاري، إن كان من معدلات العائد السائدة في وقتنا الحالي أو من خلال الأدوات الإلكترونية المتاحة، بجانب الأدوات الادخارية طويلة الأمد، أتاحت المصرفية الإلكترونية القدرة للأفراد بالمشاركة في منتجات الودائع أو المرابحات على آماد مختلفة من أسبوع حتى سنة بمعدلات عائد تتماشى مع السائد واحتياج كل بنك إلى النقد، وبجانب البنوك فقد أتاحت منصات المستشار الآلي كذلك خدمات تسهل الوصول إلى هذه الخدمات ذات المعدل المناسب من العائد والآمن كذلك. الادخار سلوك يتحول عادة إلى كل ما لمس الأفراد الفائدة منها، وبسبب المعدلات السائدة الحالية لأسعار الفائدة فإن العائد الملموس من هذه الأدوات الآمنة عزز الفكر الادخاري، والتعامل الإلكتروني أوصلنا إلى منتجات متعددة ذات فترات زمنية مختلفة، لذلك الاستناد على هذه العوامل ومعدلات العائد سيعزز التصاق الأفراد بمنتجات الادخار الآمنة.