إطلاق العنان للتكنولوجيا المالية «4 من 4»

قد هيمنت شركات المدفوعات المبتدئة على الموجة الأولى من الاستثمار، وهذا ليس مستغربا في منطقة تمثل فيها التحويلات والتجارة الجزء الأكبر من النشاط الاقتصادي. وأخيرا، تم إنشاء مجموعة أكثر تنوعا من الشركات المبتدئة في المنطقة، مثل منصتي "تابي" و"تمارا" لخدمات الشراء الآن والدفع لاحقا، وشركتي "لين تكنولوجيز" و"بوابة ترابط" للصيرفة المفتوحة، ومنصتي "ليندو" و"لوا" لإقراض المشاريع الصغيرة والمتوسطة، ومنصتي "ثروة" و"ثاندر" لإدارة الثروة.
على الرغم من هذا، لم يرتق تمويل المشاريع إلى مستوى التوقعات، وربما يشهد الزخم تباطؤا. فمنذ الربع الأول من 2023، سجلت الصفقات والتمويل في المنطقة أقل قيم منذ بداية جائحة كوفيد- 19. وتنبأ تقرير صدر عن معهد ميلكن في 2019 أنه بحلول 2022، ستجمع 465 شركة تكنولوجيا مالية في الشرق الأوسط أكثر من ملياري دولار في شكل تمويل لرأس المال المخاطر، مقارنة بما لا يتجاوز 30 شركة مبتدئة جمعت نحو 80 مليون دولار في 2017. ومن الواضح أن المنطقة لا تحقق إمكاناتها لجميع الأسباب التي نوقشت سابقا.
وبشأن ضرورة اتخاذ إجراءات على مستوى السياسات، فإنه على الرغم من التحديات، تدرك الجهات التنظيمية في المنطقة ما تتمتع به التكنولوجيا المالية من إمكانات لتحسين الشمول المالي والنمو الاقتصادي، وتلتزم بتوفير بيئة تنظيمية مواتية. وتعد التصريحات السعودية أخيرا بشأن إطار الصيرفة المفتوحة، والقواعد التنظيمية التي أصدرتها مصر للمدفوعات الرقمية خطوتين مهمتين نحو توفير مناخ تنظيمي أفضل.
ومن الضروري اتخاذ عدد من الإجراءات على مستوى السياسات لتمكين قطاع التكنولوجيا المالية من تحقيق كامل إمكاناته، مع الأخذ في الحسبان الحاجة إلى تخفيف حدة المخاطر وحماية العملاء، وأيضا سيؤدي تحقيق تكافؤ الفرص للشركات القائمة، والأطراف الفاعلة الدولية، والشركات المبتدئة إلى وجود مزيد من الأطراف الفاعلة الديناميكية التي تتمتع بقدرة تنافسية على مستوى العالم. وإتاحة الفرصة أمام الشركات القائمة للمنافسة ستزيد من فاعلية الإنفاق في مجال تكنولوجيا المعلومات وتدفع الابتكار فيه. وستضطر الشركات القائمة إلى تحسين منتجاتها وخدماتها للاحتفاظ بالعملاء. وستدفع المنافسة المتزايدة أيضا عمليات الدمج والاستحواذ التي تشتد الحاجة إليها، سواء داخل الدول أو فيما بينها، ما ييسر خروج رأس المال المخاطر للشركات المبتدئة الناجحة، وجذب رؤوس الأموال من أجل تمويل شركات جديدة في هذا القطاع.
الاتساق التنظيمي سيتيح توسع الأسواق على نحو أيسر وأكثر فاعلية لجميع الأطراف الفاعلة. وستظل الشركات المبتدئة في حاجة إلى الحصول على تراخيص وتصاريح، إلا أن زيادة الشفافية التنظيمية والمشاركة العامة ستمهد التوسع الجغرافي. ويمكن أن تتمثل خطوة أخرى إيجابية في السماح للأطراف الفاعلة المرخصة في إحدى الدول بالعمل بحرية في بلد آخر.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي