Author

قطاع التجزئة والاهتمام بإنشاء شركات مالية

|
متخصص في المعاملات المالية، مستشار في المالية الإسلامية ـ الجامعة السعودية الإلكترونية

القطاع المالي تطور بشكل كبير في المملكة، حيث كان في السابق يتركز فقط في بنوك محددة في السوق ولكن اليوم مع التوسع الكبير والتطور، الذي يشهده هذا القطاع بدعم كبير من البنك المركزي جعل من السوق السعودية حاضنة لعدد هائل من الشركات المالية الصغيرة والمتوسطة والكبيرة، وأصبحت المنافسة فيه عالية جدا بسبب حجم الطلب في خدماتها في السوق، ما جعل التعامل معها يوميا للمستهلك المحلي، وفي لقاءات مع عدد من الرؤساء التنفيذيين لشركات قطاع التجزئة في المملكة نجد أنهم يتحدثون عن حجم هائل لاختيار الزبائن الشراء من خلال شركات التقنية المالية، خصوصا التي تقدم التقسيط لمدد تصل إلى أربعة أشهر متفوقة على البطاقات الائتمانية التي تعطي العميل مهلة لا تتجاوز بحال 52 يوما فقط في حال الشراء في موعد محدد وإلا فالأغلب لا يصل إلى هذه المهلة.
حجم مبيعات شركات التقسيط التي تقدم السلعة بسعرها السوقي نفسه أصبح كبيرا ما جعل كثيرا اليوم يفكر كثيرا في الدخول إلى هذه السوق، حيث أصبحت هذه الشركات شريكا غير مباشر لمعظم المتاجر في السوق، واضطرت بعض المتاجر إلى إتاحة منتجاتها من خلال وسائل الدفع هذه، نظرا للإقبال الكبير عليها.
في مقابلة لأحد الرؤساء التنفيذيين لشركة في قطاع التجزئة تركز على المبيعات في مجال الأواني المنزلية وتتوسع حاليا في بعض الأجهزة الكهربائية صرح بأنهم يدرسون إنشاء شركة مالية، ولم يتطرق لذلك بإسهاب باعتبار أن الشركة مدرجة في السوق المالية والإعلان في هذه الحالة عن التفاصيل لا بد أن يكون من خلال منصة السوق المالية تعزيزا لمبدأ الشفافية وتكافؤ فرص الحصول على المعلومة لجميع المستثمرين، ولكن هذا الحديث بالتأكيد لا يتوقف عند شركة واحدة من شركات قطاع التجزئة، نظرا لما يرونه من الإقبال الكبير عليها وحجم الأرباح والفرص التي يمكن أن تحصل هذه الشركات عليها من خلال مثل هذا النوع من الاستثمارات، خصوصا أن هذا لا يحقق لها نتائج مربحة فقط من خلال نسبة الربح التي يحصلون عليها من التاجر، بل من خلال تدوير الكاش الهائل الذي تحصل عليه هذه الشركات من مبيعاتها والتي تحصل على عوائد محدودة جدا إذا ما كان يستثمر من خلال الودائع لدى البنوك والمؤسسات المالية، حيث يحصلون على القليل، مقارنة بما يمكن أن يتحقق لهم من خلال نشاط بيع التقسيط، حيث يتم تدوير هذه الأموال بشكل مستمر وبعوائد مجزية.
التحديات هي أن دخول شركات جديدة وبصورة كبيرة قد يزيد من حدة المنافسة بصورة كبيرة، ما يعرض كثيرا إلى المخاطر والتحديات التي تنشأ عن المنافسة، خصوصا أنه رغم ما يظهر من أرباح يمكن أن يتحقق من خلال هذا النشاط إلا أن هناك مخاطر تتعلق بالسيولة وتوفيرها وتكلفتها في ظل التقلبات الحالية في أسعار الفائدة وارتفاع تكلفة التمويل، كما أن هذا النوع من النشاط يواجه إشكاليات فيما يتعلق بالتخلف في السداد من قبل المستفيدين، وهي في ظاهرها مبالغ زهيدة يوجد مصاعب في عملية تحصيلها من خلال وجود إدارة مختصة بالتحصيل أو الاتجاه إلى القضاء باعتبار أنها يسيرة وكثيرة وتتطلب عددا كبيرا من الدعاوى، ما يكلف تلك الشركات خسائر بسبب تكلفة التعاقد مع محصلين أو إنشاء إدارة مختصة بالتحصيل، ورفع الدعوى والمحامين وغيرها، وقد تصطدم بفئة هي في الأساس تعاني إشكاليات عدم القدرة على السداد لأسباب مختلفة، فهذه الخدمات أقرب للبطاقات الائتمانية منها إلى التمويل الشخصي من حيث الضمانات التي تطلبها هذه الشركات.
الفرص في القطاع المالي كبيرة ومتنوعة والخيارات متعددة للمستثمرين وقطاع التجزئة قد يكون مهيأ للاستثمار من خلال إنشاء شركات بالتشارك مع بعضهم بعضا أو الاستثمار في الشركات القائمة أو إنشاء شركات بالتعاون بين شركات قطاع التجزئة وشركات مالية قائمة لديها اهتمام بالاستثمار في خدمات بيع التقسيط.
الخلاصة، الشركات المالية تطورت في المملكة بصورة كبيرة وأحد أهم التطورات، التي قدمت حلولا للمجتمع هي شركات تمويل شراء السلع بالتقسيط لمدد تصل إلى أربعة أشهر دون زيادة على قيمة السلعة نقدا، ونظرا لحجم النمو في عمليات هذه الخدمات، فإن هذا قد يشجع شركات التجزئة التي ترى أن جزءا كبيرا من مبيعاتها يكون من خلال هذه الخدمة أن تستثمر في القطاع المالي، ولذلك يمكن أن يكون هناك شراكات بين شركات مالية قائمة وشركات في قطاع التجزئة لدخول هذه السوق الواعدة في ظل التسهيلات التي تقدمها الجهات التشريعية والتنظيمية للمستثمرين في القطاع المالي.

إنشرها