القطاع الصحي بين الألم والأمل

ظل القطاع الصحي في بلادنا تقليديا، يتم تركيز الجهود واعتماد المبالغ لملاحقة الألم وعلاج المرضى فقط. وتدخل عاملان مهمان في تطوير القطاع عن طريق الاهتمام بالأمل، ويقصد به الوقاية التي تحارب الأمراض قبل وقوعها، وكانت بوادر هذا التطوير على وجهين هما: أولا، تأهيل الكوادر الطبية السعودية في أرقى الجامعات، وتدريبهم في أشهر المستشفيات العالمية. وتشمل الكوادر أيضا الكفاءات الإدارية التي تقود وزارة الصحة، وجميع المرافق الصحية حاليا.
ثانيا، جائحة كورونا التي ينطبق عليها المثل المعروف "رب ضارة نافعة"، فلقد كشفت الحاجة إلى عمل غير عادي في القطاع الصحي، ما استدعى "الوقوف على أطراف الأصابع"، كما قال الدكتور توفيق الربيعة، وزير الصحة السابق، ومهندس تلك المرحلة الصعبة. عدت السعودية من أفضل دول العالم التي تعاملت مع الجائحة بحكمة ومهنية عالية، وكشفت الأزمة جوانب ضعف أدت إلى وضع الخطط سريعا لتدارك آثارها ويتم حاليا استكمال ذلك.
أعود لأتذكر لقاء تم بين فهد الجلاجل وزير الصحة، ومجموعة من كتاب الرأي، في مقر الجمعية السعودية لكتاب الرأي أخيرا. في هذا اللقاء بشر الوزير بعديد من الخطوات التي قوبلت بالاستحسان، ومنها أن رؤية 2030 قد عملت في وقت مبكر على تأسيس عديد من المبادرات والبرامج في القطاع الصحي، مثل: مركز الأزمات والكوارث، والمركز الوطني للوقاية من الأمراض ومكافحتها مسبقا، الذي أصبح هيئة الصحة العامة. وأسهمت هذه المبادرات في التعامل مع جائحة كورونا بشكل تميزت فيه المملكة، وأصبحت مثالا عالميا، كما ذكرنا من قبل.
من أهم البشائر التي ذكرها الوزير، أن المملكة تسعى إلى توطين تقنيات الاختبارات الجينية المتقدمة لتقديم أفضل الخدمات الطبية للمواطنين والمقيمين، مشيرا إلى أهمية استخدام التقنيات الحديثة في تطوير تطبيقات الصحة، والسعي لتوطين صناعة الدواء لتحقيق الأمن الدوائي عبر الشراكات مع أشهر شركات صناعة الدواء في العالم، والتي تصدر منتجاتها إلى السوق السعودية وتحقق عوائد عالية، وتقدم لها التسهيلات وعقود الاستيراد المستمرة لأعوام عديدة. وأعود إلى الحديث عن الوقاية ونشر الوعي، فأشير إلى أن الهدف هو تقليل عدد الوفيات ورفع معدل سن المواطن السعودي إلى 75 عاما بحلول 2030، وظهرت نتائج إيجابية لذلك.
أخيرا، أعلن وزير الصحة، في ملتقى الصحة العالمي الذي عقد الأسبوع الماضي في مدينة الرياض، تطبيق التأمين الصحي الوطني في منتصف العام المقبل، الذي يعد مرتكزا لتطبيق الحوكمة في منظومة الصحة، ويضمن الانتقال -في حال تطبيقه بالجودة التي تم تخطيطه بها- إلى استدامة الخدمة الطبية المقدمة للمواطنين، ويرفع الجودة في الخدمات، إضافة إلى جهات رقابية على جودة الخدمة المقدمة. أثار فضولا لدى كثيرين لمعرفة مزيد من التفاصيل عن البرنامج، وإيضاحات من وزارة الصحة حول تأثير تطبيق نظام التأمين الصحي الوطني في رفع درجة التوعية والوقاية والثقافة الصحية، وبالتالي تقوية نظام الرعاية الصحية عموما.
الخلاصة، إن القطاع الصحي في بلادنا يشهد تحولا إيجابيا من ملاحقة الألم إلى فتح آفاق الأمل لجودة أعلى في حياة المواطن من الناحية الصحية، وعمرا أطول في طاعة الله، ثم خدمة الوطن، الذي تحرص قيادته المخلصة على البحث عن راحة المواطنين، وتوفير أفضل الخدمات لهم، خاصة في مجالي الصحة والتعليم، كما نص على ذلك نظام الحكم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي