الأمن السيبراني
تتعاظم الأخطار التي تواجهها المجتمعات مع ازدياد الاعتماد على الفضاء السيبراني وتدخل الإنترنت في كل مناحي الحياة. أصبح العلم بالتقنية الحاسوبية أساسا للنجاة من المكر والخديعة التي يستعد بها كثير من سارقي البيانات والراغبين في استغلال الآخرين بطرق غير مشروعة.
المشكلة في الفضاء السيبراني أنه ليس فضاء بحتا، وإنما يدخل إلى المنازل ويعيش في الغرف ومع الصغار والكبار، ويسيطر على وقتهم وتفكيرهم، حتى أصبحت المجتمعات تعاني العزلة في داخل البيوت، رغم وجود الكل في الموقع الجغرافي نفسه، لكنهم مسافرون في مواقع سايبرية مختلفة. هذه العزلة تجعل تصيد الفئات الأكثر استهدافا من المسلمات، وتحرم الجميع من التواصل الشخصي الحامي الذي ميز المجتمعات على مدى التاريخ.
مقولة إن الإنسان اجتماعي بطبعه أصبحت من مقولات الماضي، حتى إنك تجد الناس في التجمعات الأكثر رسمية مشغولين بأجهزتهم وهواتفهم التي تعد أكبر عناصر السيطرة المجتمعية اليوم. لا بد أن الجميع شاهد البثوث التي تتحدث عن أخطار الجوال، وهذا رغم أنه يستخدم في المواقع الأكثر اكتظاظا في الأغلب، فكيف بما يحصل مع أجهزة الآيباد واللابتوب وأجهزة المكاتب، تلك أزمة حقيقية، لا مناص من التعايش معها، بل إن التطورات المقبلة ستجعل ما نعيشه اليوم بحكم عالم الغابة والصحراء الذي عاش فيه الآباء والأجداد.
التغيير السريع الذي جاء مع استمرار التقدم في استخدامات الحواسيب، يجعل الذكاء الاصطناعي حالة لا مهرب منها مهما قال المنظرون عن محاولة المقاومة التي يبذلها من يعلمون بخطورة تلك الأداة إن هي استخدمت في غير محلها أو تجاوزت حدودها. الهروب من الأخطار المحتملة التي قد تتجاوز التأثير في الأطفال والأموال والسمعة التي نخشاها اليوم يستدعي أن نكون أكثر إلماما بالمستجدات، وقد تكون المعرفة الحاسوبية مشابهة لتعلم القراءة والكتابة في السابق.
صحيح أن هناك إشكالية سرعة التغيير وتعدد وسائل الاصطياد الإلكتروني المتاحة للجرائم الإلكترونية، وما نشاهده من عمليات حماية مستمرة وإيقاف خدمات في سبيل تحديث الأنظمة التي تعتمدها أغلب البنوك اليوم يشير بوضوح إلى التغيير السريع الذي يميز الأخطار التي تحوم حول المجتمعات، وما الأخطار المالية إلا جزء محدود لا يمكن الاستهانة به، ولكننا لا نحصر الأخطار السيبرانية فيه.