القياس الكمي لأشكال التحيز ضد المرأة «1 من 2»
تحمل معظم الشوارع في أوروبا أسماء أشخاص ـ على عكس معظم المدن في الولايات المتحدة، "حيث الشوارع ليست لها أسماء"، على الأقل وفقا لأغنية البوب التي تحمل الاسم نفسه. لكن الشوارع الأوروبية تحمل أسماء الرجال وبأغلبية ساحقة، ما يعكس مدى ترسخ أشكال التحيز ضد المرأة بعمق في المجتمعات الأوروبية ولمئات الأعوام. فهل هذه التحيزات ضد المساواة بين الجنسين منتشرة في مناطق أخرى أيضا؟ وهل من الممكن قياسها كميا ومعرفة كيفية تطورها؟
وللإجابة عن هذه الأسئلة، قدم تقرير التنمية البشرية لـ2019 الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي مؤشرا للأعراف الاجتماعية المتعلقة بنوع الجنس، الذي صدرت أحدث تقديراته في وقت سابق من هذا الصيف. ويستند مؤشر الأعراف الاجتماعية المتعلقة بنوع الجنس إلى بيانات مسح تمثيلي مستمدة من مسح القيم العالمية، ما يعكس المعتقدات المتحيزة ضد المرأة، مثل الإجابة بـ "نعم" عن أسئلة من عينة "هل الرجال أفضل من النساء كقادة سياسيين؟" ويأخذ مؤشر الأعراف الاجتماعية المتعلقة بنوع الجنس في الحسبان أربعة من الأبعاد وهي: السياسي والتعليمي والاقتصادي والسلامة الجسدية.
ماذا تكشف أحدث النتائج؟ من المثير للصدمة أن نحو 90 في المائة من الأشخاص يحملون تحيزا واحدا على الأقل ضد المساواة بين الجنسين في 80 دولة وإقليما تمثل 85 في المائة من سكان العالم. ولا توجد فروق جوهرية في هذه التحيزات بين النساء والرجال، ما يعكس مدى عمق رسوخ طبيعتها الاجتماعية.
ونلاحظ أنه استنادا إلى 80 دولة وإقليما تتوافر عنها بيانات من الموجة السادسة "2010 ـ 2014" أو الموجة السابعة "2017 ـ 2022" من مسح القيم العالمية، والتي تمثل 85 في المائة من سكان العالم.
تعد الأعراف الاجتماعية المتعلقة بنوع الجنس مهمة لأنها يمكن أن تكون دافعا لمواصلة الممارسات التمييزية ضد المرأة، حتى عند توافر وسائل الحماية القانونية التي تحظر مثل هذه الممارسات. فعلى سبيل المثال، كانت إحدى الحالات التي تمت دراستها على نطاق واسع هي التأثير الأولي المحدود لتشريعين بارزين للمساواة بين الجنسين في الولايات المتحدة "قانون المساواة في الأجور لـ1963 والباب السابع من قانون الحقوق المدنية لـ1964". وبعد سن هذين القانونين، لم تتقلص التباينات في متوسط الأجور بين الجنسين بصورة فورية، ويعود ذلك في جانب منه إلى أن الشركات، على الأقل في البداية، اختارت توظيف عدد أقل من النساء.
وإلى جانب تدابير الحماية القانونية، فإن التدابير الرامية إلى الحد من عدم المساواة بين الجنسين تتضمن تمكين النساء من امتلاك الأصول والتحكم بها بشكل أكبر أو تقليص الفجوات في التعليم. وفي الواقع، ومن الناحية التاريخية، كانت هناك صلة بين الفجوات التعليمية بين الجنسين والفجوات في الدخل، لكن الربط بينهما صار ضعيفا. على الرغم من أن النساء في كثير من الأحيان يتساوين في التعليم مع الرجال أو يكن أكثر تعليما منهم في الآونة الحالية، فإن فجوات الدخل بين الجنسين لا تزال قائمة.
تظهر كل نقطة تقدير المعامل في نموذج انحدار خطي للفجوات بين الجنسين في الدخل على الفجوات بينهما في التعليم عبر الدول. وتمثل الخطوط الرأسية أعلى النقاط وأسفلها فترة الثقة البالغة 95 في المائة.. يتبع.