زوج أمي
يكمن جمال العلاقات الإنسانية في طبيعتها وقوتها، لذلك فإن حب الأم والأب من العلاقات البشرية التي حافظت على قوتها دينيا ومجتمعيا وإنسانيا مهما كانت الظروف المعاكسة، فالدين والعرف والمجتمع كلها تشدد على وجوب المحافظة على تلك العلاقة مع الوالدين، حتى لو ظهر التقصير والإهمال وعدم تحمل المسؤولية من أحدهما، هذه العلاقة القوية تقابلها علاقة مشوهة مجتمعيا لا دينيا، وهي علاقة الأبناء بزوجة الأب وزوج الأم.
الصورة النمطية لزوجة الأب هي تلك المرأة الشريرة التي تضرب وتعذب أبناء زوجها دون علمه وتعاملهم بحب في حضوره، أما زوج الأم فهو ذلك الرجل البغيض الذي يضغط على زوجته لتتخلى عن أبنائها.
أسهم الإعلام كثيرا في ترسيخ هذه الصورة المشوهة عن زوجة الأب وزوج الأم.
قبل فترة، وصلتني رسالة طلبت صاحبتها نشرها، لعلها تسهم في تغيير تلك الصورة المشوهة التي تطلق حكما تعميميا تظلم فيه بعض النماذج المشرفة من زوجات الآباء وأزواج الأمهات، تقول:
عشت وإخواني الثلاثة حياة بائسة كنا نتعرض فيها للضرب المتواصل من قبل أبي على كل غلطة نقترفها، وبحكم أننا كنا أطفالا فلعبنا بالكرة ومشاجرتنا مع بعضنا وصوت التلفزيون وضحكاتنا الطفولية، وغيرها كانت غلطات نتلقى بعدها سيلا من الصفعات واللكمات والغضب الهادر، لذا لم نشعر يوما بعطف الأب، ولم يكن يمر يوم إلا وكنا وأمي ضحايا غضبه الذي لم يكن يهدأ إطلاقا، طلبت أمي الطلاق واشترط عليها أن تتنازل عن المطالبة بالنفقة علينا ولا تطالبه بشيء يخصنا، ظنا منه أنها ستشقى بنا، وافقت أمي وتم الطلاق، كان أكبرنا في العاشرة من عمره، ذهبنا للعيش في بيت جدي ولم يقصر معنا إطلاقا، بعد عامين تقدم أحد الرجال الأكفاء لخطبة والدتي، وافقت بشرط أن نعيش معها، ورغم مخاوف كل من حولنا من زوج الأم إلا أنها أصرت على شرطها، واليوم بعد مرور 37 عاما أستطيع أن أقول لك يا سيدتي: إن الله عوضنا خيرا بزوج أمي الذي لم نناده إلا "يبه"، الحب والحنان والدفء والمشاعر الأبوية الصادقة لم نعشها إلا معه، حتى لما أنجبت والدتي ثلاثة أبناء منه، لم يفرق بيننا في المعاملة إطلاقا، أنعم الله عليه بالخير فاشترى عمارة، وكتب لكل واحد منا شقة تمليك باسمه نحن الإخوة السبعة، واليوم يكمل مسيرة المحبة والحنان كجد لأبنائنا.
من باب العرفان، كتبت لك قصتنا لعلها تسهم في تغيير تلك الصورة التعميمية المشوهة عن زوج الأم.
وخزة
"مع الأسف، دوما نبحث عن الوجه القبيح للأشياء، وخلال بحثنا تموت وجوه الأشياء الجميلة".