Author

تداعيات ديون العالم المتصاعدة

|

اقتصادي في السياسات الاقتصادية وإدارة استراتيجيات الأعمال والشراكات الاستراتيجية.

تشير الإحصائيات إلى أن الديون المتزايدة للعالم ومنذ 2008 ارتفعت إلى مستويات قياسية تقدر بـ300 تريليون دولار، لذا لا يمكننا تجاهل أن تداعيات الديون المتزايدة تشكل تحديا اقتصاديا لعديد من الدول، في وقتنا الحالي تشهد عديد من الدول زيادة مستمرة في مستويات الديون العامة الخارجية، ما يعني أنه يتعين على تلك الدول دفع فوائد أكثر وسداد الأموال المستحقة في المستقبل ونقل عبء الديون إلى كاهل الناتج المحلي وميزانيات الحكومات السنوية.
ومع ذلك، الديون المتزايدة ليست مشكلة على الاقتصادات الناشئة والنامية فحسب، بل حتى الدول المتقدمة نتيجة ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية والأمن والضمان الاجتماعي والتقاعد وخدمات الحكومة الأساسية إضافة إلى تكاليف تطوير البنية التحتية وصيانتها ولا سيما أن التضخم يشعل التكاليف ولمستويات غير مسبوقة وفي الوقت نفسه سيؤدي ارتفاع أسعار الفائدة والتضخم إلى تنامي حالة التخلف عن السداد في عقود المشتقات المالية في التبادل التجاري المباشر، أما في الدول الهشة اقتصاديا فمستويات الفقر ستتفاقم لديهم وبطبيعة الحال سيفقدون جميع المكاسب والنمو والإعانات التي تم تقديمها وبدلا من إنفاق عوائد أي نمو محتمل خلال الأعوام المقبلة على البرامج والتنمية الاقتصادية ستضطر إلى دفعها لخدمة الدين وسداده وهناك عدد من الدول تنفق جزءا من الدخل الحكومي يصل إلى 50 في المائة للديون إضافة إلى خفض أي إعانات للغذاء وميزانيات الرعاية الصحية.
في مثل الظروف الحالية على المستوى العالمي يصعب على كثير من الدول تبني أي إصلاحات اقتصادية قوية فالظروف غير مواتية ومعدلات الاستثمار الأجنبي تتحرك بحذر لأن تكاليف الطاقة والقطاعات التي تمكن المستثمرين من النجاح في الاستثمارات الأجنبية المباشرة لن تكون مستقرة ومن المخاطر التي يراقبها المستثمرون قضايا التخلف عن السداد لأن التضخم المفرط وعدم الاستقرار السياسي نتائج متوقعة عند التخلف كما حصل في أمريكا اللاتينية في الثمانينيات الميلادية ومن جانب آخر ديون القطاع العائلي والقطاع الخاص واحدة من المخاطر الكامنة التي يمكن أن تتحرك مع استمرار ضعف النمو الاقتصادي.
في نهاية المطاف الدول ستستمر في الاقتراض أكثر من أجل الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي ولو على حساب التكاليف المستقبلية وليس أمام المجموعات الاقتصادية والاقتصاديات الكبرى سوى تعزيز خيارات تعليق ديون الدول الفقيرة وتحجيم شراسة الدائنين وتغليب جوانب التفاوض وتغليب المصالح الاستراتيجية من أجل مساعدة اقتصادات الدول لالتقاط أنفاسها لتجاوز أزمات الديون وعودة النمو الاقتصادي.
أما الاقتصادات المتقدمة التي وصلت إلى مستويات سقف الديون الوطنية المحددة فليس أمامها سوى رفع سقف الديون وتحسين السياسات المالية والنقدية من أجل رفع الأداء الاقتصادي وتغيير مستهدفات التضخم إلى مستويات جديدة تتوافق مع حجم المشتقات المالية التي أغرقت العالم بالأموال في مقابل تحفيز الشركات على الإنتاج وزيادة النشاط الاقتصادي، أي: تحفيز الاقتصاد الحقيقي مقابل تقليص النقدي.

إنشرها