البيانات من الناس وإلى الناس .. منهج وحوكمة «1 من 4»
الابتكارات في منظومة البنية التحتية الرقمية العامة في الهند لم تعزز الوظائف الاجتماعية الأساسية فحسب، بل وفرت أيضا مسارا لإرساء ديمقراطية البيانات والعودة إلى سيطرة الناس على بياناتهم. فعلى مدار قرون عديدة، استندت الخدمات العامة والخاصة إلى عمليات يقوم بها الأشخاص وعمليات ورقية، منها تقديم الخدمات وضمان الامتثال للقوانين واللوائح السائدة. والآن، تحل البنية التحتية الرقمية محل الأشخاص والأوراق باستخدام شفرة، ما يؤدي إلى زيادة الكفاءة. وتعمل البنية التحتية الرقمية على مدار الساعة بتكلفة منخفضة، يمكن توسيع نطاقها لتصل إلى عدد كبير من الناس، ما يحقق في غضون بضعة أعوام فقط مكاسب كان يمكن أن يستغرق تحقيقها عدة عقود. وبالمثل، تقدم البنية التحتية الرقمية العامة خدمات على مستوى المجتمع لمختلف شرائح السكان، بما في ذلك المجتمعات المهمشة.
وقد أدى ظهور العصر الرقمي أيضا إلى زيادة حادة في حجم البيانات وتوافرها وكيفية معالجتها. وعلى الصعيد العالمي، يسيطر عدد قليل من مقدمي الخدمات، مثل "فيسبوك" و"جوجل" و"أبل"، على كميات كبيرة للغاية من بيانات المستهلكين عالية القيمة، التي يجمعونها ويستفيدون منها في تحقيق مكاسبهم. وهذا التفاوت في إمكانية الوصول إلى البيانات يجعل من الصعب على الناس الاستفادة من بياناتهم الشخصية لمصلحتهم الخاصة.
ويكتسب ذلك أهمية خاصة لأن البنية التحتية الرقمية العامة يمكن أن تعزز بشكل كبير عملية الحصول على التمويل استنادا إلى البيانات. ومن الموثق عالميا أنه في غياب ضمانات ملموسة، لا تستطيع أغلبية كبيرة من البالغين الاقتراض من النظام المالي. والمعلومات التي يتم رصدها من أنشطة الناس اليومية على الإنترنت ينشأ عنها "رأس المال المعلوماتي" الذي يحد من تكاليف المعاملات، وعدم اتساق المعلومات بين المقترضين والمقرضين، والاعتماد على الضمانات المادية. وعندما يتمكن الأفراد من الوصول إلى بياناتهم والسيطرة عليها، تصبح لديهم القدرة على توليد رأس المال المعلوماتي.
وقد حاولت أجهزة تنظيمية عديدة معالجة مشكلة اكتناز البيانات لدى الشركات عن طريق إقرار سياسات للحد من سوء استخدام البيانات، لكن هذه السياسات حالت أيضا دون استخدام البيانات، خاصة فيما يفيد قطاعات أكبر من السكان. غير أنه في إطار البنية المالية الرقمية في الهند، تعد ضمانات الخصوصية جزءا من التصميم التقني للبنية التحتية الرقمية العامة، بدلا من فرضها خارجيا بموجب قانون وسياسة تنظيمية. وتتوافر مزايا البيانات عالميا دون التعدي على حقوق الأفراد. ومنهج حوكمة البيانات هذا لا يميل إلى التدخل المفرط من جانب الدولة ولا يقوم حصريا على عدم التدخل. وهذا المزيج من الخصائص العامة والخاصة يشجع على التنظيم والابتكار بشكل أفضل.
وشهدت البنية التحتية الرقمية العامة في الهند نموا سريعا منذ 2009 لثلاثة أسباب رئيسة، أولا، كانت الرؤية الاستراتيجية هي تصميم البنية التحتية الرقمية العامة كقنوات، حيث تلبي كل قناة احتياجا معينا. ثانيا، أدت الابتكارات التكنولوجية عبر عديد من هذه القنوات إلى استحداث مجموعة متكاملة قوية من التطبيقات، يشار إليها غالبا باسم منصة التطبيقات الرقمية الموحدة "إنديا ستاك"، التي يمكن توسيع نطاقها لخدمة مختلف قطاعات السكان، أكثر من مليار شخص في 29 ولاية و22 لغة. ثالثا، تم تنفيذ البنية التحتية الرقمية العامة عبر قطاعات متعددة.