بحنكة ولي العهد .. السعودية تقود السلام

بحنكة ولي العهد .. السعودية تقود السلام

تصادف اليوم ذكرى بيعة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، التي تتزامن مع الانفتاح السعودي على قيادة التقارب بين جميع دول العالم والمنطقة، لتعزيز الأمن والاستقرار وترسيخ قواعده في منطقة الشرق الأوسط، التي عانت ولا تزال تعاني جراء الحروب والخلافات والعلاقات المتوترة بين دول المنطقة، لتكتب السياسة السعودية الخارجية فصلا جديدا في سجل السلام.
يسير ولي العهد بطموح المؤسس الملك عبدالعزيز آل سعود، وحكمة وحنكة والده الملك سلمان بن عبدالعزيز وبخطى ثابتة ومتينة عمادها الحوار واحترام الآخر، من خلال علاقات متميزة وتحالفات مثمرة، لتكون المملكة صديقة للجميع وفقا لسياستها ومكانتها الاستراتيجية وتأثيرها الإقليمي، وانطلاقا من احترام سيادة الدول وشؤونها الخاصة.
التوجه السعودي الذي يقوده الأمير الشاب، جاء هذه المرة مخالفا لتوقعات السياسيين، ومخيبا لآمال المعولين على بقاء حالة التوتر وعدم الاستقرار، حيث أدى التدخل في شؤون الآخرين سابقا إلى القطيعة السياسية، التي أدت لإغلاق السفارات وقطع التمثيل الدبلوماسي بين السعودية وإيران وأغلبية دول الخليج.
راهن ولي العهد قبل أعوام على ضرورة وعي ودور حكومات المنطقة بالنهوض في الشرق الأوسط، وجعل هذه المنطقة أوروبا العصر، على الرغم من الخلافات السياسية، التي كانت تعيشها دول المنطقة، والمتمثلة في العلاقة الفاترة مع قطر، وكذلك تركيا، إضافة إلى العلاقة مع سورية، من جراء أحداث الثورة هناك، التي جلبت الميليشيات المسلحة بكل أطيافها إلى المنطقة، وزادت من مخاوف الإرهاب بالانتشار والتمدد.
عودة المياه السعودية - الإيرانية للجريان لم تكن وليدة اللحظة، لكنها شهدت "ماراثون" من المحادثات، لضمان حسن النية الإيرانية، والالتزام بتعهداتها أمام المجتمع الدولي، فهي محكومة بدولة المؤسسات بالظاهر والدولة العميقة في الباطن، مما يثير مخاوف أي جهة تتعامل مع هذا الكيان، لكن العلاقة السعودية المتوازنة مع الصين وإيران هيأت الأرضية الثابتة لإعادة العلاقات لما كانت عليه سابقا، لكن بتوحيد الجهود وفق رؤية ولي العهد، القائمة على ازدهار وتقدم المنطقة بما ينعكس على شعوبها إيجابا.
إيمان ولي العهد بالأخوة والصداقة مع دول المنطقة والعالم يقوم على أسس التلاقي والاختلاف وعدم الاتفاق الكلي، حيث سبق أن أكد الأمير محمد بن سلمان أن الاتفاق الكلي بين الدول مستحيل، لكن العلاقات بين الدول تكون وفق أسس التقارب، والمصالح المشتركة للدول والشعوب.
يمثل الاتزان السياسي للمملكة جهود خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان عبدالعزيز في التمكين للسلام والاستقرار، وهذا ما دفع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، للعمل على وضع خطة شاملة للتقارب مع الجميع وفق تغليب مصلحة المواطن السعودي والعربي أولا، حيث يثمر التقارب السعودي - الإيراني عن انفراجة في ملف الأزمة اليمنية، وفتح الفرصة لإعادة تأهيل اليمن سياسيا، وإعادة الاستقرار هناك.
وقبل أيام قليلة من هذه الذكرى العزيزة، شهدت العلاقة السعودية مباحثات مع الأشقاء في العاصمة اليمنية، بهدف فتح صفحة جديدة مع جماعة الحوثي برعاية عمانية، لدعم ركائز الاستقرار، وإعادة بناء الدولة اليمنية، بوضع حل سياسي شامل، يجمع القيادات اليمنية تحت سقف التوافق والمصالحة في إطار دولة القانون والمؤسسات.
آخر ثمار التقارب كان مع الشقيقة سورية، التي حل وزير خارجيتها فيصل المقداد ضيفا على جدة أخيرا، لرسم ملامح العلاقة بين البلدين، التي كانت باكورتها الاتفاق على إعادة التمثيل الدبلوماسي والرحلات الجوية بين البلدين، ما يعني عودة الدولة السورية للحاضنة العربية.
وفي الجانب الآخر من الدبلوماسية السعودية يظهر مدى عمق العلاقة السعودية - الروسية، مكنتها من إدارة دفة ملف الطاقة العالمي في "أوبك+"، وكذلك عقد كثير من الوساطات في ملف الحرب الروسية - الأوكرانية.
جهود السلام الاستثنائية، التي يقودها ولي العهد، لم تقتصر على العلاقة بين المملكة ودولة قطر الشقيقة، حيث كانت آخر انعكاسات الجهود السعودية عودة العلاقات الأخوية بين قطر والبحرين الشقيقتين، في الثلث الأخير من شهر رمضان المبارك، وهذا سببه يعود إلى الانفتاح السعودي في ترتيب أوراق المنطقة، والتحضير لمرحلة الاستقرار.
التقارب السعودي - الإيراني، سيعود بالنفع على الأوضاع المتدهورة في أماكن أخرى من المنطقة، التي عاشت أياما صعبة بسبب غياب الأمن والأمان، من جراء تغول الميليشيات المسلحة على دولة المؤسسات، ليكون لبنان، أحد المستفيدين من هذا التقارب، حيث تستعيد الدولة اللبنانية هيبتها ودورها الحقيقي، بعد تخليصها من سيطرة الميليشيات والعصابات المسيطرة عليها.
وسيغلب الاتفاق السعودي - الإيراني إعادة الاستقرار إلى لبنان، بعد فترة من السواد عاشتها الدولة بتفضيل فصيل ما لمصلحته على المصلحة العامة واحتكار السلطة، وتهميش مطالب الشريحة الأكبر من الشعب، لتحقيق مصالح خاصة. هذا الوضع لن يدوم خلال المرحلة المقبلة، وستعيش الدولة اللبنانية مرحلة ازدهار سياسي واقتصادي، بالعودة إلى نادي الدول المعتدلة.
ذكرى البيعة ليست مناسبة اعتيادية، بل هي مناسبة لاستذكار مسيرة التغيير التي يقودها الشاب الملهم لشعبه وسائر شعوب العالم، ففي مثل هذا اليوم قبل أعوام قليلة كان العالم يقف على أعتاب الصراعات وشريعة الغاب.
تمثل بيعة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، استكمالا للدولة السعودية الثالثة، التي أسس أركانها الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، الذي جمع العرب خلف رايته، ليكمل أبناؤه مسيرة البناء من بعده حاملين مسؤولية العروبة، لرعاية هموم ومصالح الأمة التي ينتمون إليها، وها هي المملكة اليوم تشهد ازدهارا في مختلف المجالات في عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز، الذي رسم خريطة المستقبل لولي عهده الأمير محمد بن سلمان، صاحب الرؤية الطموحة 2030، التي أخذ على عاتقه من خلالها أن ينقل السعودية إلى بر الأمان، في مجالات السياسة، الاقتصاد، الصحة، والتعليم، عبر بنية تحتية صلبة بنيت بسواعد السعوديين.

الأكثر قراءة