استقرار الأسعار مقابل الاستقرار المالي؟ «2 من 2»
ماذا سيفعل بنك الاحتياطي الفيدرالي في اجتماعه المقبل؟ أعتقد أن المخاوف بشأن الاستقرار المالي في أعقاب إفلاس بنكي سيليكون فالي وسيجنتشر، عولجت بفاعلية عن طريق ضمان تعويض خسائر كل الودائع في هاتين المؤسستين اللتين أديرتا بشكل رديء. في واقع الأمر، هذا يعني أن كل الودائع في البنوك الأمريكية ستكون مؤمنة من الآن فصاعدا. هذا من شأنه أن يسهم دون أدنى شك في المخاطر الأخلاقية، لأن الإدارة المصرفية غير المقتدرة أو المتهورة لن تعاقب من خلال خسارة المودعين المطلعين.
لكن هذا هو الثمن الحتمي الذي يجب أن يترتب على استبعاد الخطر الجهازي الذي تفرضه حالات تهافت المودعين على البنوك لاسترداد ودائعهم. لقد تسنى احتواء الخطر الأخلاقي من خلال السماح بإفلاس البنوك وتعريض المساهمين والدائنين غير المضمونين، "وربما حتى الدائنين المضمونين إذا كانت الخسائر كبيرة بالقدر الكافي"، لتكلفة سوء إدارة البنوك مهما كانت جسيمة.
لكن هذه الاستجابة الاحترازية لم تكن مثالية، لأن برنامج تمويل القروض المصرفية محدد الأجل الذي أنشأه بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، ويقدم قروضا لعام واحد للبنوك مع ضمانات بالقيمة الاسمية، لم يصبح متاحا إلا بشروط جزائية. ولأن القيمة السوقية كانت دون القيمة الاسمية لعدد كبير من مؤسسات الدين المؤهلة، فقد أصبح مقرض الملاذ الأخير مقرض الملاذ الأول، حيث يقدم قروضا مدعومة ماديا. ينطبق الوضع الشاذ ذاته "تقييم الضمان بالقيمة الاسمية" الآن على القروض عند نافذة الخصم.
في نهاية 2022، بلغت الخسائر غير المحققة على الأوراق المالية التي كانت البنوك الأمريكية تخطط للاحتفاظ بها حتى آجال استحقاقها نحو 620 مليار دولار. وسيؤدي رفع أسعار الفائدة في الأرجح، إلى انخفاض القيمة السوقية للأوراق المالية طويلة الأجل بدرجة أكبر. ليكن. فنحن لا نعرف مقدار خطر المدة الذي تحوطت ضده البنوك "ومن الأطراف المقابلة في مثل هذا التحوط". لكننا نعلم أن خسائر البنوك "في الأسواق المنتظمة" بسبب قرارات الاستثمار الخاطئة تشكل جزءا من الآلية الداروينية السليمة التي تدعم اقتصاد السوق، كما هو الحال مع الحل المنظم للمؤسسات المفلسة. يجب أن يكون البنك المركزي، بصفته مقرض الملاذ الأخير وصانع السوق كملاذ أخير، جاهزا لأداء مسؤولياته المتعلقة بالاستقرار المالي عندما يشكل نقص السيولة، أو التهافت على البنوك لاسترداد الودائع، أو غير ذلك من إخفاقات السوق تهديدا جهازيا.
مع استمرا معدل تضخم نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسية عند مستوى 4.7 في المائة في كانون الثاني (يناير)، ينبغي لبنك الاحتياطي الفيدرالي أن يرفع نطاق سياسة استهداف سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في اجتماعه المقبل. لكني أخشى أنه قد يتوقف عند 25 نقطة أساس، بسبب قلق في غير محله بشأن العواقب التي يخلفها رفع أسعار الفائدة بدرجة أكبر على الاستقرار المالي. الواقع أن أفضل سبيل لخدمة الاستقرار المالي في الولايات المتحدة في الأمد القريب يتمثل في وقوف الاحتياطي الفيدرالي على أهبة الاستعداد للتدخل كملاذ أخير للإقراض وصنع السوق. في الأمدين المتوسط والبعيد، تجب إعادة فرض لوائح دود ـ فرانك الأصلية، التي ألغيت بالنسبة إلى البنوك الصغيرة ومتوسطة الحجم في 2018، وقد يكون من الواجب إعادة القيود التي كانت مفروضة على أنشطة الاستثمار في الملكية الشخصية التي تزاولها البنوك ـ أو ربما ينبغي التخلي عن النظام المصرفي الاحتياطي المجزأ كليا. كما أن الإشراف الأكثر حزما واقتدارا لن يضر.