انتعاش الطلب الصيني يحد تراجع النفط .. مخاوف أزمة عالمية تطغى على الأسواق

انتعاش الطلب الصيني يحد تراجع النفط .. مخاوف أزمة عالمية تطغى على الأسواق

استمرت تقلبات أسعار النفط الخام، حيث تفاقمت الضغوط الهبوطية بسبب مخاوف الركود العالمي، وانهيار بنك سيليكون فالي، الذي بث حالة من الذعر نتيجة توقعات حدوث أزمة مالية عالمية جديدة، بينما في المقابل تلقت الأسعار دعما من تعافي الطلب الصيني، لكن من غير المعروف مدى انتعاش الطلب على النفط في الصين مع انفتاح اقتصادها، خاصة أنه لم تحدث بعد زيادة كبيرة في استهلاك الوقود الصيني.
وتراقب السوق النفطية جيدا تطورات ومستجدات بيانات الإمدادات النفطية الروسية، حيث إنه من غير المعروف أيضا مسار توقعات الإمدادات الروسية، ويرجح أن تظل صادراتها النفطية صامدة حتى مع تقليص إنتاجها من النفط الخام، ما يدعم استمرار تقلب الأسعار في المستقبل المنظور.
وقال لـ «الاقتصادية»، محللون نفطيون، إن أسعار النفط على الأرجح سترتفع في النصف الثاني من العام الجاري، نظرا لوجود عديد من أوجه عدم اليقين في السوق النفطية، كما تتنامى التوقعات بتشديد المعروض النفطي خلال الأشهر المقبلة مع بدء تباطؤ الاقتصاد العالمي أيضا.
وذكر المحللون أن العرض والطلب في سوق النفط الخام مقترنان بالفعل بمخاطر جيوسياسية عالية، ما ينبئان عن تقلبات شديدة، خاصة في النصف الثاني من العام الجاري، مشيرين إلى أن انخفاض مستويات المخزونات الأمريكية يوفر دعما أساسيا قويا للأسعار لتتجاوز 100 دولار للبرميل على الأرجح خلال النصف الثاني من العام.
وذكر روبرت شتيهرير مدير معهد فيينا الدولي للدراسات الاقتصادية، أن استمرار التقلبات السعرية هذا العام متوقع بشكل كبير لكن على الأرجح سيكون بوتيرة أقل من العام الماضي الذي شهد اندلاع حرب روسيا وأوكرانيا، وكانت الحرب هي العامل الأكثر تأثيرا في السوق النفطية على مدار العام الماضي.
وأوضح أنه بسبب العقوبات الغربية على روسيا وبدء تطبيق الحظر والسقف السعري على الإمدادات والمنتجات النفطية، من المتوقع أن يشهد إنتاج وصادرات النفط الروسي انخفاضا حادا في العام الجاري مقارنة بما كان عليه في العام الماضي، لافتا إلى أن الأسواق تتأقلم بالفعل مع المتغيرات الجديدة، ومن المرجح أن تكون علاوة المخاطر السعرية أقل بكثير في العام الثاني من اندلاع الحرب في أوكرانيا.
من جانبه، قال ردولف هوبر الباحث في شؤون الطاقة ومدير أحد المواقع المختصة، إن المستثمرين وتجار النفط الخام أصبحوا بالفعل أقل تأثرا بتطورات الحرب في أوكرانيا، والدليل على ذلك أن رد فعل السوق النفطية على قرار روسيا بخفض الإنتاج بنحو 500 ألف برميل يوميا جاء باهتا، مبينا أنه لا يزال هناك كثير من أوجه عدم اليقين في كل من توقعات العرض والطلب العالميين، وهناك مجال كبير لحدوث تقلبات في الأسعار، حيث تتغير توقعات السوق على مدار العام.
وذكر أن السوق في حالة تطلع وترقب مستمرين للبيانات الصينية التى لها تأثير واسع في استقرار السوق النفطية، موضحا أن الصين لديها ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة، ويمكنها تحقيق أو كسر قدرة العالم على تحقيق أهداف المناخ العالمية والحد من الانبعاثات، لافتا إلى تسارع جهود بكين في زيادة قدرة إنتاج الطاقة المتجددة مع تقليل نسبي في اعتماد البلاد الكبير على الوقود التقليدي.
من ناحيته، ذكر ماثيو جونسون المحلل في شركة أوكسيرا الدولية للاستشارات، أن أزمة الطاقة الراهنة أثبتت مدى الحاجة إلى استمرارية الاعتماد على الطاقة التقليدية جنبا إلى جنب مع برامج تحول الطاقة، وذلك للوفاء باحتياجات المستهلكين في ظل فقر الطاقة، خاصة في الدول النامية وعلى رأسها الهند.
وأوضح أن الصين والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي معا مسؤولة عن أكثر من 80 في المائة من الإنفاق العالمي على الطاقة النظيفة لهذا العام، ورغم ذلك يظل الوقود التقليدي هو القائد لمزيج الطاقة في أغلب دول العالم، وسيستمر الاعتماد عليه عقودا مقبلة، بحسب تقديرات تقارير دولية. بدورها، قالت مواهي كواسي العضو المنتدب لشركة أجركرافت الدولية، إن قلة الاستثمار في النفط والغاز لها عواقب وخيمة على سوق النفط عموما، وهو ما حذرت منه "أوبك" مرارا وأيضا عديد من المنظمات الدولية المعنية بالطاقة، مبينة أن شركات النفط الكبرى بدأت بالفعل في تغيير استراتيجية عملها وترغب في إنفاق مزيد من الأموال على استخراج النفط والغاز لكنها تحتاج إلى طلب طويل الأجل على منتجاتها من أجل القيام بذلك.
وطالبت الدول الغربية، خاصة في أوروبا، التى سارعت في فرض حظر وسقف سعري على الإمدادات الروسية، بالتفكير جيدا فيما يتعلق بأمن الطاقة، والعودة إلى التركيز على الاستثمار في البنية التحتية الجديدة للغاز لتعويض الإمدادات الروسية المفقودة.
وفيما يخص الأسعار، تراجع النفط أمس، وكذلك الأسهم، إذ أثار انهيار بنك سيليكون فالي مخاوف من حدوث أزمة مالية جديدة، لكن انتعاش الطلب الصيني قدم بعض الدعم.
وبحسب "رويترز"، انخفضت العقود الآجلة لخام برنت 1.44 دولار، أو 1.7 في المائة، إلى 81.34 دولار للبرميل، خلال التعاملات أمس. كما هبطت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 1.40 دولار أو 1.8 في المائة إلى 75.28 دولار للبرميل.
وأدت المخاوف من توالي الأزمات في أعقاب انهيار بنك سيليكون فالي، إلى عمليات بيع في الأصول الأمريكية بداية الأسبوع.
ومعنويات السوق هشة، إذ زادت المخاوف من توجه مجلس الاحتياطي الاتحادي "البنك المركزي الأمريكي"، إلى مزيد من التشديد النقدي بفعل ارتفاع مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة، حسبما قال محللون في "أيه.إن.زد بنك" في مذكرة صباح أمس.
من جانب آخر، تراجعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 80.72 دولار للبرميل، يوم الجمعة، مقابل 82.05 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وذكر التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك"، أمس، أن سعر السلة التى تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق رابع تراجع له على التوالي، وأن السلة خسرت نحو ثلاثة دولارات مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 83.82 دولار للبرميل.

الأكثر قراءة