Author

انتعاش أسعار الغاز المسال بقوة في 2023

|

انهارت أسعار الغاز في أوروبا خلال فصل الشتاء، حيث أدى الطقس المعتدل وضعف طلب القطاع الصناعي إلى ضمان بقاء مخزونات الغاز عند مستويات مريحة. وفي الأسابيع الأخيرة، انخفضت أسعار الغاز المسال الفورية، ما سمح للمشترين في جنوب آسيا بالدخول مرة أخرى إلى السوق التي تم إقصاؤهم منها العام الماضي وسط ارتفاع كبير في الأسعار. الطلب في آسيا فاتر هذا العام حتى الآن، لكن المحرك القوي لأسواق الطاقة -الصين- لم يظهر بعد مسار انتعاش قوي في الطلب على الغاز.
تراجع الطلب الصيني في 2022 قدم لأوروبا بعض العون. في العام الماضي، استوردت الصين 87 مليار متر مكعب من الغاز المسال، بانخفاض 20 في المائة على أساس سنوي وأضعف حجم استيراد سنوي منذ 2019. لكن، تخفيف تدابير كورونا، وتقديم عديد من تدابير الدعم لمساعدة قطاع العقارات المحلي، من المتوقع أن يؤديا إلى انتعاش الطلب هذا العام. مع ذلك، الطلب الصيني في نهاية المطاف يمثل حالة عدم يقين كبيرة بالنسبة إلى سوق الغاز المسال العالمية. من المحتمل أن نشهد زيادة في الطلب، لكن من الصعب قياس مدى قوته هذا العام. يتوقع عديد من المحللين ألا يعود الطلب الصيني إلى مستويات 2021. وبدلا من ذلك، يتوقعون نموا أكثر تواضعا يزيد قليلا على 10 في المائة مقارنة بالعام الماضي. في الأسابيع الأخيرة، تباطأ نشاط الشراء مع اقتراب عطلة رأس العام الصيني، وانخفضت أسعار التسليم إلى شمال آسيا إلى أدنى مستوياتها منذ أيلول (سبتمبر) 2021.
في حين، تواصل أوروبا الترحيب بشحنات الغاز المسال، على الرغم من مخزونها المريح، وذلك بفضل البداية المعتدلة لموسم التدفئة الشتوي، تراجع الطلب في القطاع الصناعي، وتوفير الطاقة مع ارتفاع الفواتير. لكن، الصين يمكن أن تؤثر في تخزين الغاز الأوروبي - في توقيت الملء لفصل الشتاء المقبل.
في هذا الشتاء، أوروبا في وضع أفضل مما توقعه كثيرون قبل بضعة أشهر فقط. كما أنها في وضع أفضل بكثير من حيث مخزونات الغاز مقارنة بمتوسط الأعوام الخمسة، وذلك بفضل الطقس المعتدل في معظم كانون الأول (ديسمبر) وكانون الثاني (يناير). لكن قبل الشتاء المقبل، إذا انتعش الطلب الصيني، فقد تواجه أوروبا منافسة أشد عند التخزين.
في الوقت الحالي، تبدو سوق الغاز المسال في آسيا أكثر مرونة مما كانت عليها قبل بضعة أشهر، وتراجعت الأسعار للأسبوع السادس على التوالي في الأسبوع المنتهي في 27 يناير، إلى 19.50 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، وهو انخفاض بـ11.4 في المائة عن الأسبوع الذي سبقه، بحسب مصادر الصناعة التي نقلتها "رويترز". في الأسابيع الأربعة بين الأول و27 يناير، انخفضت أسعار الغاز المسال الفورية في آسيا 34 في المائة.
أدى هذا الانخفاض -بسبب انخفاض أسعار الغاز في أوروبا وعطلة رأس العام الصيني- إلى تحفيز عملاء الغاز المسال في جنوب آسيا، مثل بنجلادش، تايلاند والهند، للعودة إلى السوق الفورية التي تخلوا عنها قبل عام وسط ارتفاع الأسعار. بصورة عامة، يفضل المشترون في جنوب آسيا أسعار الغاز المسال المنخفضة. لكن السوق لم تشهد بعد نموا اقتصاديا وحجم واردات الغاز المسال الصينية لا يزال غير مؤكد. وسيؤدي إعادة فتح الصين والارتفاع المتوقع في الطلب على الطاقة، بما في ذلك الغاز المسال، إلى رفع الأسعار في آسيا مرة أخرى، ويمكن أن تشتد المنافسة بين أوروبا وآسيا لجذب شحنات الغاز المسال الفورية ذات الوجهات المرنة.
في العام الماضي، أصبحت أوروبا الوجهة الرئيسة لشحنات الغاز المسال الفورية. في الوقت نفسه، دفعت تقلبات السوق والشكوك والمخاوف بشأن أمن الطاقة عددا متزايدا من المشترين إلى البحث عن عقود طويلة الأجل، بما في ذلك المشترون في أوروبا الذين كانوا مترددين في السابق في تأمين العرض على المدى الطويل بسبب طموحات الاتحاد الأوروبي المناخية.
في العام الماضي، انخفض استهلاك الغاز في الصين 0.7 في المائة، وهو أول انخفاض سنوي في الطلب منذ أربعة عقود، وفقا لوكالة الطاقة الدولية. كما تراجعت واردات الصين من الغاز المسال، أكثر بكثير من الطلب على الغاز، وعادت اليابان إلى المركز الأول كأكبر مستورد للغاز المسال في العالم. وقالت الوكالة، في تقرير في تشرين الثاني (نوفمبر)، إن انخفاض واردات الصين "كان عاملا رئيسا في زيادة توافر الغاز المسال في أوروبا للتعويض عن انخفاض واردات الغاز من روسيا". وأضافت الوكالة، إذا تعافت واردات الصين في 2023 إلى مستوياتها في 2021، فإن هذا الارتفاع سيمثل أكثر من 85 في المائة من الزيادة المتوقعة في إمدادات الغاز المسال العالمية. أشارت الوكالة إلى أن أوروبا قد تواجه فجوة في العرض تصل إلى 30 مليار متر مكعب خلال فترة الصيف الرئيسة لإعادة ملء مواقع تخزين الغاز في 2023. لكن، المستوى المريح من مخزون الغاز في أوروبا خفف المخاوف من حدوث أزمة كبيرة فورية وجعل احتمالية تقنين الغاز أقل احتمالية.
يمكن أن توفر إعادة تشغيل محطة فريبورت "20 مليار متر مكعب سنويا" بعض الراحة لسوق الغاز المسال المتشددة، خاصة إذا رأينا طلبا صينيا أقوى من المتوقع. يبدو أن هناك بعض التقدم على الجانب التنظيمي لإعادة تشغيل المحطة، لكن قد يتعين على السوق الانتظار لفترة أطول لاستئناف الصادرات. كان الغاز المسال، وسيظل، مصدرا بديلا رئيسا ليحل محل إمدادات خطوط الأنابيب الروسية المنخفضة.
ستظل أسواق الغاز المسال العالمية متشددة هذا العام، متضخمة بسبب زيادة الطلب من الصين بعد رفع إجراءات كورونا. ومع ذلك، يعتقد عديد من المحللين أن كميات كافية من الغاز المسال ستظل متاحة لأوروبا، وإن كان ذلك بأسعار أعلى تعكس المنافسة الشديدة مع المشترين الآسيويين. من ناحيتها، تواصل الصين الاستثمار بكثافة في البنية التحتية للغاز، حيث من المتوقع أن تقفز قدرة استيراد الغاز المسال 20 في المائة، إلى 135 مليون طن سنويا بحلول نهاية 2023، وفقا لوود ماكنزي. من المحتمل أن يسمح انتعاش الاقتصاد الصيني بسحب إمدادات الغاز المسال بعيدا عن أوروبا في الشتاء المقبل. مع هذا المستوى من الاستثمار، أصبحت الصين الآن المحرك العالمي للغاز المسال.

إنشرها