Author

أين تضع اسمك؟

|

يستسهل بعض أصحاب الأعمال التخارج العلني الدراماتيكي من شركاتهم، يقيمونها عاليا وغاليا، يبثون عنها الأخبار الإيجابية عبر وكالات الإعلان ومستشاري التسويق، ثم يدرجونها أو يطرحونها للاكتتاب ثم تبدأ الأخبار السلبية في الظهور، وتبدأ الأرباح في الانخفاض، بل تبدأ الخسائر من أول أو ثاني ربع.
يعمل معظم هؤلاء على طريقة "اضرب واهرب"، فهم يعرفون أن لا أحد سيثق بأي شركة يطرحونها مستقبلا، أو حتى يشاركوا في ملكيتها أو إدارتها، والعكس صحيح دائما، فهناك عائلات وأسماء معينة أخلصت في العمل من أجل مصلحة المساهمين، وعاملت استثمارهم كما تعامل مالهم الخاص سواء بسواء، فكسبوا ثقة الناس، وثناءهم بل حتى الدعاء لهم بدوام التوفيق.
هذه الأسماء باتت بحد ذاتها علامات فارقة عند اتخاذ قرار الاستثمار، يصبح لدى الفرد نوع من الطمأنينة إذا رأى أحدهم في مجلس الإدارة أو على سدة إحدى الشركات الأخرى، يعلم أن الأمانة والنزاهة ستصحبه أينما حل، وأنه يحافظ على سمعته في السوق لأنها أهم ما يملك.
هناك حد أخلاقي واضح يقف عنده التاجر الحقيقي النزيه، فهو لا يفتقد الشطارة لكنه يسخرها لمصلحة العمل الجماعي الذي أوكل إليه، فالشركة المساهمة هي ملكية جماعية، ودائرة أصحاب المصلحة فيها تتسع أكبر من غيرها من الشركات الأخرى.
يعتقد البعض أن الناس تنسى، وهذا غير صحيح، ولقد سمعت تعليقات تؤكد ذلك، وأذكر أن أحد رجال الأعمال المؤسسين لشركة ناجحة أصدر مذكرات بسيطة عفوية عن حياته ونمو أعماله، فكان الجميع يشيد به وبما كتب رغم ضعف أسلوب الكتاب وجاذبيته، لكن الصدق وصل إلى قلوب الناس، والأهم أن نتائج أعماله وصلت إلى عقولهم، ولمن استثمر في شركته وصل صدقه وأمانة إدارته إلى جيوبهم.
لطالما تساءلت في صغري، لماذا كان والدي حفظه الله يصر على إرسالي إلى متجر معين، لشراء سلعة معينة حتى لو كانت هناك خيارات أقرب مكانيا، وربما في أحيان كثيرة أقل سعرا؟!
الأمر نفسه انطبق في فترة ما على والدتي رحمها الله وأسكنها فسيح جناته، كانت تصر على متاجر معينة، وتعاملت مع بعضها لعقود من الزمن، رغم تطور المنافسين وتعدد الخيارات!
كبرت وتعلمت أنها ببساطة الثقة، الثقة بتجار معينين اكتسبوها مع الزمن، تجار كان واحدهم يخبرك عن عيوب بضاعته قبل مزاياها، ويطلعك على التفاصيل دون أن تسأل، تجار بكلمة واحدة، وتعامل واحد، ويقين بأن السمعة هي رأس المال الحقيقي.

إنشرها