Author

قراءة في تحديات الطاقة الكهربائية العالمية «2-3»

|

أستاذ الطاقة الكهربائية ـ جامعة الملك سعود

[email protected]

إن تزايد إنتاج مصادر الطاقة المتجددة سيمثل تحديا في شبكات العالم الكهربائية، حيث من المتوقع أنه بحلول 2050 ستغطي مصادر الطاقة المتجددة 62 في المائة من الطاقة المولدة كما ذكرت عدة جهات معنية ودراسات بحثية.

لكن ربط مصادر الطاقة المتجددة بالشبكة الكهربائية ليس بالبساطة التي قد يبدو عليها، حيث تعتمد فاعليتها كليا على الظروف الجوية والفنية والتنظيمية.

وتعد الطاقة المتجددة مصدرا غير مستقر أو موثوق به إلا بوجود نظام إدارة متقدم، إذ بالإمكان أن يسبب خللا خطيرا في الشبكة في حال سوء الإدارة.
ويعد استخدام البطاريات أو أنظمة تخزين الطاقة من أنجح الحلول التي يمكنها تخزين الطاقة غير المستخدمة وحفظها للاحتياج لاحقا، لكن لا تزال تكاليف البطارية مرتفعة.

ويمكن للذكاء الاصطناعي تحسين أنظمة التنبؤ وبالتالي السماح بتنبؤات أكثر دقة عن حالات الطقس والظروف الجوية واستهلاك الطاقة، وكذلك اعتماد الربط الكهربائي مع الدول المجاورة لرفع اعتمادية الشبكة الكهربائية وتصدير الفائض.

من جانب آخر، يعد انقطاع التيار الكهربائي المتكرر تحديا لكل دول العالم، ويعزى السببان الرئيسان الأكثر شيوعا لانقطاع التيار الكهربائي إلى الظروف المناخية القاسية وشبكات الكهرباء البالية.

ففي الولايات المتحدة على سبيل المثال تكرر انقطاع التيار الكهربائي بشكل متزايد في 2020، حيث عانى المواطن الأمريكي العادي ما يتجاوز ثماني ساعات من انقطاع التيار الكهربائي في 2020، مع ارتفاع الفترة الإجمالية لانقطاع التيار الكهربائي في الولايات المتحدة إلى أكثر من الضعف منذ 2015، وفقا لوزارة الطاقة الأمريكية.

وإن حالات تكرار انقطاع التيار الكهربائي ولفترات طويلة تهدد ملايين الأشخاص والأعمال، إذ نجم بسببها أضرار تقدر بمليارات الدولارات، ويمكن أن يؤدي انقطاع التيار الكهربائي الشامل إلى تلف الأجهزة الإلكترونية وفقدان البيانات إلى جانب شل الحياة التجارية والصناعية.

ولعل الحل الأنجع هو رفع الاكتفاء الذاتي من الطاقة عن طريق تخزينها في البطاريات كحماية طويلة الأمد عند انقطاع التيار الكهربائي لتضمن تأمين التشغيل المستمر للمعدات والأحمال الأساسية.
أما الفقد الكهربائي فيعد في حد ذاته تحديا وأمرا مقلقا للغاية، إذ إن نقل الكهرباء عبر مسافات طويلة سيحدث فقد قدرات كهربائية كبيرة داخل خطوط الكهرباء، وبالتالي سينتج عن ذلك خسائر فادحة مهدرة في الطاقة على شكل حرارة أو ما يسمى الفقد الفني، ويتم دفع هذه الخسائر من قبل المستخدم النهائي.

وبناء على ذلك فإن من الحلول الناجحة هي التحول من إنتاج الكهرباء من محطات الطاقة الكبيرة "الأسلوب التقليدي" إلى مصادر الطاقة الصغيرة أو Micro Scale التي تضمن استهلاك الطاقة على مستوى المستهلك.

وأما الفقد الناجم عن التعدي والاستحواذ غير القانوني على الكهرباء، فستتكفل التقنيات الرقمية في الحد منها وكشفها.

وفي حين أنه يوجد عمر تشغيلي لخطوط النقل والتوزيع وأن تجديد أو بناء خطوط جديدة سيكون مكلفا إلا أن هناك حاجة مستمرة إلى زيادة وتعزيز قدراتها، ويمثل تحديث الشبكة الكهربائية وإدارة الأصول تحديا طويل الأمد، ولذلك ينظر إلى تقادم الشبكة الكهربائية كإحدى المشكلات العصيبة التي تواجه الولايات المتحدة. والأفضل الأمثل هو تبني نظام لا مركزي لأن إنتاج واستهلاك الطاقة المحلية سيقلل من حجم الكهرباء الموزعة عبر الشبكات الكهربائية.

ولا تزال المركبات الكهربائية في بداية عهدها في أغلب دول العالم، لكن التقدم السريع في التقنية يزيد من استخدامها. لكن يستغرق شحن المركبات الكهربائية قدرا من الوقت والطاقة، وهذا التغيير الفوري في الطلب على الطاقة يمثل تحديا كبيرا للشبكة وقد يوجد أحمالا ذروية جديدة، ولا يرى أفضل من تطبيق مفهوم الشبكات الذكية مع مصادر أخرى مثل الطاقة المتجددة والبطاريات وغيرها... يتبع.

إنشرها