Author

عوائد التنوع

|

من الخطوات المهمة في مسيرتنا الثقافية والاجتماعية التي ستلقي بظلالها على الاقتصاد إعلان مجلس الوزراء الموقر هذا الأسبوع الموافقة على انضمام المملكة إلى اتفاقية حماية وتعزيز تنوع أشكال التعبير الثقافي لعام 2005.
أحسب أن الموافقة السعودية تأنت كثيرا قبل صدورها ومن ثم إعلانها فكانت مربوطة برؤية مدى الالتزام الدولي من بعض الأطراف بها، الالتزام الذي يحافظ على طبيعة كل مجتمع وبالتالي نوع ثقافاته وعلاقتها بهويته، فنحن نعلم أن بعض الاتفاقيات الدولية تكون حبرا على ورق لدى بعض الدول التي تتعامل بفوقية أو بعدائية مع شعوب أو مناطق معينة.
الاتفاقية نصت على أن "التنوع الثقافي هو سمة مميزة للبشرية ويشكل بالنسبة لها تراثا مشتركا ينبغي تعزيزه والمحافظة عليه، إذ إنه يوجد عالما غنيا يتسع فيه نطاق الخيارات المتاحة وتزدهر فيه الطاقات البشرية والقيم الإنسانية، كما تشجع الاتفاقية على الحوار بين الثقافات وتهيئة الظروف التي تكفل ازدهار الثقافات وتفاعلها تفاعلا حرا تثري الثقافات من خلاله بعضها بعضا".
هذا الكلام رائع ومهم ونحن استثمرنا ضمن رؤيتنا التنوع الثقافي المنبثق من تنوع الجغرافيا والزراعة والفنون، رأينا ذلك جليا من خلال وزارات الثقافة، والسياحة، وربما البيئة والزراعة والمياه، ومن مهرجانات الرياضات المختلفة بدءا من المرتبط بنا وجدانيا وتاريخيا كسباقات الخيل والهجن، وليس انتهاء بسباقات ومسابقات رقمية للألعاب والسيارات.
أكثر من تقرير منشور اطلعت عليه يفيد بأن الصناعات الثقافية والإبداعية هي من بين أسرع القطاعات نموا في العالم، والبعض يضع قيمتها التقديرية بتريليونات الدولارات، وتتفاوت تقديرات ما يمثله قطاع الثقافة من الاقتصاد العالمي، لكنها تتفق على أنها أكثر من 6 في المائة من الاقتصاد العالمي.
الثقافة تحقق الإيرادات، وتوجد الوظائف وأصبحت عنصرا مهما للنمو الاقتصادي الشامل، وهي جزء من الأهداف المنصوص عليها في رؤية المملكة 2030 ونحن نشهد قفزات متسارعة يمكننا تقييمها من حين لآخر لتحقيق مزيد من التأثير فينا ومن ثم فيمن حولنا.
المملكة حرصت قبل الانضمام للاتفاقية على بعض بنودها الاسترشادية مثل "حماية التنوع الثقافي وتعزيزه بما يكفل حقوق الإنسان والحريات الأساسية مثل حرية التعبير والإعلام والاتصال" وهي طالما أتاحت للأفراد التعبير عن أنفسهم اجتماعيا وثقافيا الأمر الذي خلق الثراء والتنوع في هذا القطاع.
التنوع الثقافي قوة محركة للتنمية، وله عوائد ليس على مستوى النمو الاقتصادي فحسب، بل أيضا كأساس لجودة الحياة في جوانبها الفكرية والعاطفية والمعنوية، ومتطلب يسهم في تحقيق التنمية المستدامة.

إنشرها