Author

التحركات المصرفية والمعايير الجديدة

|

هناك بعض الاختلافات في وجهات النظر حول عمليات "وليست عملية" التنظيم المصرفي في الاتحاد الأوروبي، وتحديدا ضمن منطقة اليورو، ولا شك أن الأزمة الاقتصادية العالمية التي انفجرت في 2008، أدخلت معايير تنظيمية ورقابية جديدة، ولا سيما بعد أن كان "التسيب" المصرفي السبب الرئيس لهذه الأزمة، بل لنقل غياب الرقابة المشددة على الأعمال المالية هنا وهناك، كان هو العامل الأهم لتلقي العالم أزمة قال عنها آلان جرينسبان رئيس المجلس الاحتياطي سابقا، إنها لا تحدث إلا كل 100 عام.
كان لا بد للحكومات الأوروبية، أن تنشئ كيانا رقابيا تنظيميا أكثر قوة وإحكاما على الحراك المصرفي العام، فكانت الهيئة المصرفية الأوروبية التي أطلقت في 2011، بعد أن كان العالم أجمع في خضم الأزمة الكبرى المشار إليها.
ينحصر دور الهيئات المصرفية عموما، خصوصا تلك التي تظهر في أوقات الأزمات، في منع حدوث انهيارات مالية، وإن حدثت بالفعل، فإنها تعمل على إبقاء الأضرار الناجمة عن ذلك ضمن أضيق الحدود. بمعنى آخر، إنها تضمن بصورة أو أخرى فشل المصارف بأعلى درجات الأمان. وهذا يصب بالطبع في مصلحة الحكومات التي اضطرت في أزمة 2008 "وأزمات أخرى مشابهة" إلى التدخل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من المؤسسات المالية التي لا يمكن السماح لها بالانهيار والخروج من السوق، إضافة إلى ضمان أموال المودعين الذين قد يجدون أنفسهم بلا أرصدة، وأولئك الذين يخسرون عادة ممتلكاتهم المرهونة بعد عجزهم عن السداد. إنها عملية معقدة، لكنها محددة بمهام واضحة، تحت عنوان عريض، "الحفاظ على سلامة النظام المالي".
ومع التغييرات التشريعية التي تحصل بصورة دورية على الساحة الأوروبية، ستكون هناك هيئة اصطلح على تسميتها وكالة الاتحاد الأوروبي، يرى مراقبون أنها تهدف أساسا إلى إضعاف تأثير الهيئة المصرفية الأوروبية، التي أثبتت خلال الأعوام الماضية نجاحاتها، بما في ذلك وصول تعاونها مع الجهات التنظيمية الأخرى مثل البنك المركزي الأوروبي، ومجلس القرارات المنفرد، إلى أعلى مستوى له. بالطبع ستركز الوكالة الجديدة على جانب محوري لدى الهيئة الأوروبية المشار إليها، وهو وضع قواعد مكافحة غسل الأموال عبر المؤسسات المالية والبنوك ضمن نطاق الاتحاد الأوروبي. المعارضون للوكالة الجديدة، يعتقدون أنها لن تأتي بجديد، لأنها أصلا موكلة في بناء إطار تنظيمي ورقابي موحد لكامل النظام المصرفي في الاتحاد الأوروبي والمنطقة الاقتصادية الأوروبية أيضا، التي تضم دولا لا تتمتع بعضوية كاملة في الاتحاد، إلا أنها ترتبط معه باتفاقيات متنوعة.
لا شك أن إنشاء آلية الإشراف الفردية أضافت مزيدا من القوة لعمل الهيئة المصرفية الأوروبية، ويبدو واضحا أن الأمر لا يحتاج إلى كيان تنظيمي جديد "من وجهة نظر المعارضين"، بقدر ما يتطلب مواصلة التنسيق الكامل بين الجهات المصرفية والمالية المعنية في الاتحاد الأوروبي. وهذا التنسيق يتم بالفعل منذ أعوام. الإشراف المصرفي المنسق، يبقى حجر الزاوية، ويبعث المشهد عن التشعبات التي لا تمثل حالة محورية. غير أن الأمور لا تمضي كما يشتهي أولئك الذين يريدون إبقاء الحال على ما هو عليه.
فوكالة الاتحاد الأوروبي ستكون محورا رئيسا في النظام المالي الأوروبي من كل جوانبه التشريعية والرقابية، بصرف النظر عن رأي البعض الذي يرى أنه يمكن أن تتأثر سمعة أوروبا كمركز مالي بإضافة مزيد من المؤسسات المشابهة للوكالة المذكورة. الهدف الرئيس لكل كيان رقابي وتنظيمي يبقى منحصرا في المساعدة على حل المشكلات، ومواجهة تطورات متوقعة ومفاجئة. وتعدد هذه النوع من الكيانات ربما يحدث إرباكا في المشهد العام.

إنشرها