مستقبل ديون قطاع الأسر «2 من 2»

بشأن الاهتمام الكبير بمعرفة حجم الحيز المتاح في الميزانيات العامة الحكومية لدعم الأسر أثناء الأزمات، قال أمير صوفي، أستاذ الاقتصاد والسياسة العامة في كلية بوث لإدارة الأعمال التابعة لجامعة شيكاغو، إنه تكمن الميزة الرئيسة للدين الحكومي في أن المواطن على استعداد لحيازته بسعر فائدة أقل من أسعار الفائدة السائدة في السوق على الأوراق المالية الأخرى. ويعطي ذلك ميزة للحكومات الراغبة في تحمل العجز. ويقول كثيرون إنه ما دام سعر الفائدة الاسمي أقل من معدل النمو الاسمي، فإن ذلك يعني الحصول على ربح دون مخاطر، وإنه من الممكن زيادة العجز دون الاضطرار إلى سداده مطلقا. وقد أوضحنا أن هذا القول يفتقر إلى الدقة. فعند تشبع السوق بالدين الحكومي، تتراجع قيمته في نظر المستثمرين، وبالتالي يتعين رفع سعر الفائدة عليه. وإذا زاد العجز بنسبة كبيرة، سيتجاوز سعر الفائدة الاسمي معدل النمو الاسمي، وسيتعين تخفيض العجز.
إن مخاطر ما قبل جائحة كوفيد ـ 19، التي ربما تم تضخيمها، هي نوع من المخاطر على الطريقة اليابانية ـ نمو منخفض على مدى طويل للغاية، وأعباء ديون متزايدة، وأسعار فائدة منخفضة، وتضخم مكبوح. وما لم يستخدم التوسع في الدين الحكومي على نحو منتج فلن يؤدي سوى إلى زيادة تلك المخاطر.
وإذا كانت أعباء الديون هذه يمكن أن تؤدي إلى تآكل النمو فيجب التفكير في سبل زيادة نمو الإنتاجية. ويجب إيجاد سبل للحد من عدم المساواة في توزيع الدخل على نحو منتج، كإعطاء دفعة لأجور الطبقة المتوسطة على نحو يمكن معه زيادة الطلب بالفعل ودفع الشركات إلى زيادة الاستثمار. وفي مرحلة ما بعد الجائحة، سيكون من المهم للغاية إيجاد سبل لتعزيز نمو الإنتاجية والحد من عدم المساواة في توزيع الدخل.
وحول سؤالي لأمير صوفي عن استمرار انخفاض أسعار المساكن في بعض الدول، وأن ذلك الارتفاع قد يؤدي إلى زيادة صعوبة إدارة مستويات الدين المرتفعة، قال إن ارتفاع الدين هو أحد أعراض مشكلة أساسية، وهي أن الاقتصاد لا يمكنه توليد طلب كاف نظرا إلى ارتفاع نصيب الأشخاص من الدخل في قمة هيكل توزيع الدخل. وأرى أن ذلك هو الخطر الرئيس الذي يؤدي إلى ارتفاع أعباء الدين.
فزيادة عدم المساواة في توزيع الدخل على مستوى العالم تؤدي إلى ارتفاع أسعار الأصول وانخفاض أسعار الفائدة. ويؤدي ذلك إلى عدم كفاية الطلب، ويكون السبيل الوحيد لتوليد الطلب هو حصول الأسر ذات الدخلين المتوسط والمنخفض على مزيد من القروض. وبالتالي فإن الخطر الحقيقي هو فخ الركود طويل الأمد. حيث تظل محصورا في توازن قائم على ارتفاع مستويات الدين، وانخفاض أسعار الفائدة، وتدني الإنفاق الأسري. وأنصح الحكومات في هذه الظروف بالإنفاق على البنية التحتية، فهي حل منطقي للغاية، ولا سيما إذا كان بمقدورها زيادة الإنتاجية ورفع أجور الطبقة المتوسطة. ونظرا إلى انخفاض أسعار الفائدة، يمكن للحكومات الاقتراض والإنفاق على البنية التحتية، ومن ثم تحقيق معدلات نمو مواتية على جانب الإنتاجية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي