اقرأ ثم اكتب واكتتب

لم أستطع مقاومة المقارنة الطريفة، المقارنة بين المعلقين الغاضبين من إعلانات هيئة السوق المالية عن الاكتتابات أو الإدراجات الجديدة، وبين اللاعبين الذين يحتجون على حكم المباراة بعد اتخاذ قراره.
الهيئة لن تتراجع عن الإعلان لأنه بني على إجراءات رسمية سواء اتفقنا أو اختلفنا معها، وكذا الحكم لن يتراجع عن قراره، لأنه مبني على قوانين اللعبة سواء لجأ إلى تقنية الفيديو أو اعتد بنفسه ولم يفعل.
هناك وضع جديد في السوق أعد أن أفضل من عبر عنه هو جريدتنا "الاقتصادية" في عنوان الخميس الماضي، "موجة هبوط تلاحق الأسهم الجديدة.. 3 شركات تنهي أولى جلساتها دون سعر الطرح وتفقد ملياري ريال"، وهو عنوان كفى ووفى.
هناك من اعتاد أن يكتتب ويبيع في أول يوم، وهي عادة تصلح ـ إلى حد ما - للاكتتابات الأولية التي دون علاوة إصدار، أو باختصار هي عادة عفا عليها الزمن، وهناك عدم وضوح أو لعلها مبالغة في بعض تقييمات علاوة الإصدار، ومع هذه التقييمات هناك علامات استفهام حول اكتتاب المؤسسات المالية لتحديد سقف السعر، من هي هذه المؤسسات؟ وبكم اكتتبت فعليا.
تقرير "الاقتصادية" رصد تراجع معدل تغطية الأفراد للاكتتابات الجديدة رغم أنها لا تزال كبيرة، حيث إن معدل التغطية للطروحات الثلاثة الأخيرة كانت دون متوسط التغطية لإجمالي الطروحات للعام الجاري، في إشارة إلى تراجع رغبة المستثمرين الأفراد في فتح استثمارات جديدة.
هناك مشكلة جوهرية، المستثمر لا يقرأ نشرة الإصدار، ولا يراجع بيانات الشركة التاريخية، وكأنما هو يعتمد على الآخرين في هذه المهمة، ثم لا يعجبه رأي أو قرار الآخرين إلا إذا ربح السهم في التداول.
لعل ما حدث يجعل المستثمر الصغير أكثر وعيا، يقرأ القوائم المالية المختصرة أو المبسطة، وكما على من يكتب بانتظام أن يقرأ كثيرا، فلا بد ممن يكتتب بكثرة أن يقرأ أيضا، اقرأ بنفسك وقرر، أو استعن بمن يجيد القراءة، ولا تنساق أمام التعليقات، أو الحملة الإعلامية الإعلانية التي ينفذها بعض الشركات قبل أو أثناء الاكتتاب.
السوق ستكبر وتتعمق، إدراج الشركات مهم لاستمرار الجيد والناجح منها، وثقافة الاستثمار ستغلب على المضاربة عند الأفراد كما أتوقع، وعلى الجميع تذكر أن الاكتتاب ليس واجبا أو حتى فرض عين، إنه مثل أي سلعة أو خدمة معروضة في السوق، نقودك في حسابك المصرفي، وأسهمهم عندهم، وثق أن التجربة ستغير كثيرا من الممارسات الحالية ضمن الإصلاح الذي لا يتوقف في الاقتصاد السعودي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي