Author

تحولات الطاقة «1»

|
مستشار اقتصادي

ربما ليست هناك موضوعات كثيرة أهم من تحول الطاقة عالميا ولنا بسبب ما يعرف الجميع عن دور الطاقة في اقتصاد المملكة ودول المنطقة سوى مباشرة للبعض منها وغير مباشرة للبقية. في هذا العمود سأعتمد على عميد مؤرخي اقتصادات الطاقة دانيال يرقن في كتاباته المتعددة. دعنا نبدأ بتاريخ التحول في نظام الطاقة العالمي. التحول بدأ مع الثورة الصناعية في أوروبا. التسلسل التاريخي يوضح مدى طول مدة التحول، ولكن أيضا مدى اختلاف كل مرحلة عن الأخرى. فكما يقول مارك توين التاريخ لا يعيد نفسه ولكنه يتناغم.
استعمال الفحم وأنواع من النفط الذي يظهر على السطح ليس جديدا فقد عرفه الإنسان منذ آلاف الأعوام ولكن كان استعمالا محدودا لا يقارن بالتوظيف الممنهج لتشغيل الآلة. حتى الفحم هناك توثيق لاستعماله في القرن الـ13 الميلادي ولكن الاستعمال الصناعي المنظم بدأ في القرن الـ18 حين بدأ يأخذ دور الأخشاب في بريطانيا لأن سعر الأخشاب ارتفع. نقطة التحول كانت في يناير 1709 حين أثبت البريطاني أبراهام داربي أن استعمال الفحم لإنتاج الحديد أكثر فاعلية من الخشب على الرغم من شكوك الكثيرين في حينه. على الرغم من أن القرن الـ19 يعرف بأنه قرن الفحم إلا أن أحد مؤرخي الطاقة يذكر أن توظيف الأخشاب ما زال يشكل نصف الطلب على الطاقة حتى 1900. في أثناء هذه المرحلة تم اكتشاف النفط وإحلاله تدريجيا محل الفحم.
اكشف النفط في أمريكا 1859 ولكن يجمع كثيرون على أن نقطة التحول حدثت حين أمر ونستون تشرشل وزير البحرية البريطاني في استعمال النفط بديلا عن الفحم كوقود للسفن في 1905 لأسباب فنية منها السرعة والمرونة والسهولة وإعداد العمال. مع هذا لم يصبح النفط مصدر الطاقة الأهم إلا في الستينيات من القرن الماضي، أي بعد نحو قرن من اكتشافه. ربما من قائل إن مصادر الطاقة تأتي كإضافات وليست كاستبدال. في الفترة التي تزامنت مع تنامي دور النفط على الفحم، ارتفع استهلاك الفحم بثلاثة أضعاف. كما الحماس نحو التحول هناك تحديات أصبحت واضحة.
التحولات السابقة كان تسوقها الحيثيات الاقتصادية والتقنية بينما هذا التحول جاء من خلال سياسات منظمة وجهود من دول الشمال الغني. هناك أربعة تحديات طبقا ليرقن، الأول، الاهتمام المتزايد بأمن الطاقة لجميع الدول. الثاني، ليس هناك إجماع حول السرعة في التحول ومدى التأثير الاقتصادي في المجتمعات، الثالث، الاختلاف والخلاف بين الدول الغنية والدول النامية في أولويات التحول وتبعاته. الرابع، الصعوبات التي ستواجه التعدين وسلاسل الإمداد ذات العلاقة لتحقيق التصفير الكربوني.
عملية التحول تاريخية ولذلك ستراجع مع مؤثرات التقنية والاقتصاد المختلفة، ربما مثال صغير ومهم على التناقضات جاء حين أقرت بريطانيا منجما جديدا للفحم لدعم صناعة الحديد والتوظيف والتصدير.

إنشرها