Author

هل انتهينا من قضية تفكيك العولمة؟ «2 من 2»

|

سيفضي التعقيد المتزايد وارتفاع تكاليف العمليات إلى إضعاف الحافز الذي يدفع الشركات إلى الاستثمار. ولأن الشركات متعددة الجنسيات تضطلع بدور حاسم في نشر التكنولوجيا، فمن الممكن توقع التأثيرات الضارة التي ستخلفها على الإنتاجية العالمية والنمو.
إن الإدراك المتزايد لهذه المخاطر أمر بالغ الأهمية. بيد أن محركي الاقتصاد العالمي الرئيسين ـ الولايات المتحدة والصين ـ هما اللذان سيحددان ما إذا كان المسار الحالي ليتغير. ما يدعو إلى التفاؤل أن هناك سببا للأمل هنا أيضا.
الواقع أن الرئيس الصيني شي جين بينج الذي يدرك تمام الإدراك أن "المعجزة الاقتصادية" التي حققها بلده ما كانت لتتحقق دون العولمة، دعا مرارا وتكرارا إلى الانفتاح والشمولية. لكن يتعين عليه أن يدرك أن هذه الدعوات تفتقر إلى المصداقية عندما تقترن بإظهار التضامن مع دول مثل روسيا، التي تحرض أفعالها وخطابها على الفرقة والانقسام. أما عن الولايات المتحدة، فيبدو أن إدارة الرئيس جو بايدن تدرك على نحو متزايد أن التعاون مع الجميع تقريبا باستثناء الصين ليس خيارا واردا. رغم أن التراجع عن القيود التجارية بشكل كامل ليس احتمالا مرجحا، خاصة عندما يتعلق الأمر بالسلع التكنولوجية الحساسة التي تنطوي على عواقب تتعلق بالأمن الوطني أو عواقب اقتصادية استراتيجية، فقد أوحى الاجتماع الأخير بين بايدن وشي بأن الجانبين على استعداد للانخراط في حوار أكثر إيجابية بشأن القضايا الحرجة. كما كرر بايدن دعمه لسياسة "الصين الواحدة"، مشيرا إلى استمرار القبول الضمني لما يسمى "الخط الأحمر" الدبلوماسي الصيني فيما يتعلق بتايوان.
ذات يوم، من المحتمل أن نتذكر تشرين الثاني (نوفمبر) 2022 على أنه نقطة تحول في ملحمة تفكيك العولمة. لكن المعوقات التي تحول دون المشاركة الدولية البناءة تظل مرهقة. بادئ ذي بدء، من غير الممكن أن يعوض الإعراب عن الدعم لتحقيق توازن أفضل بين التعاون والمنافسة عن الافتقار إلى الثقة. وما لم تتمكن الولايات المتحدة والصين من إيجاد الطرق لبناء الثقة وحسن النيات، فستظل الترتيبات التعاونية قائمة على أسس متزعزعة.
ثانيا، يظل القادة ملتزمين ببناء المرونة الاقتصادية من خلال تنويع سلاسل التوريد التي تفضل الشركاء التجاريين من أصحاب الفكر المتماثل الذين يمكن التعويل عليهم، والسماح لاعتبارات الأمن الوطني بتشكيل السياسة الاقتصادية. إن هذا الواقع الاقتصادي الجديد يتطلب تطوير وسيلة لتكرار جديد أكثر تعقيدا للتعددية.
أخيرا، كي تنجح هذه التعددية الجديدة، يتعين على المنظمات الدولية أن تكون أكثر قوة، من خلال إصلاحات الحوكمة وزيادة رأس المال. ولعل الأمر الأكثر أهمية هو أن الدول سيكون من الواجب عليها الالتزام باحترام سلطة هذه المنظمات ـ وليس فقط عندما يكون ذلك مناسبا.
لقد فتحت آفاق الاقتصاد العالمي المخيفة والمتدهورة، جنبا إلى جنب مع حجم التحدي المناخي، أعين القادة على المخاطر التي يفرضها تفكيك العولمة. ويتبقى لنا أن نرى ما إذا كان هذا الإدراك ليتبعه اتخاذ التدابير اللازمة لتغيير المسار.
خاص بـ«الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت، 2022.

إنشرها