Author

السعودية .. بناء اليمن وتنميته

|

تستمر المملكة العربية السعودية في دعمها للجمهورية اليمنية الشقيقة وشعبها، حيث أبرم صندوق النقد العربي الأحد الماضي اتفاقا مع حكومة الجمهورية اليمنية لدعم برنامج اقتصادي ومالي ونقدي شامل، بمبلغ مليار دولار، وذلك برعاية سعودية. وقد قدمت الرياض في وقت سابق دعما بمقدار مليار دولار، ومن ثم دعما آخر في 2018 بمقدار ملياري دولار في حساب البنك المركزي اليمني كوديعة مخصصة لتغطية استيراد السلع الغذائية الأساسية، وتبلغ نسبة الدعم المقدم من المملكة إلى اليمن 30 في المائة من إجمالي الدعم الذي تحصلت عليه الجمهورية اليمنية من شتى دول العالم منذ 2001.
يهدف صندوق النقد العربي، كمؤسسة مالية عربية، في المقام الأول إلى دعم موازين مدفوعات الدول الأعضاء عندما تكون هناك اختلالات في هذه الموازين، إلى جانب قيامه بأدوار أخرى مهمة، كإزالة القيود على المدفوعات الجارية وتقديم المشورات الاستثمارية الخارجية والعمل على تيسير حركة المبادلات التجارية.
اليمن يعاني اليوم تراجعا في الميزان التجاري الذي يعد جزءا من الحساب الجاري لميزان المدفوعات، وتختلف التقديرات حول حجم هذا العجز، إلا أن المؤكد أن جملة من التقلبات الاقتصادية هذا العام ألقت بظلالها على الاقتصاد اليمني، وهي تقلبات اقتصادية عالمية شملت ارتفاعا غير مسبوق في التضخم وارتفاعا في مستويات معدلات الفائدة إلى جانب الارتفاع الحاد في قوة الدولار الذي أضر بعملات كثير من الدول. وهذا لا شك له تأثير سلبي كبير في الميزان التجاري اليمني الذي يعتمد على الاستيراد بنسبة 90 في المائة من الاحتياجات الضرورية للبلاد من الأغذية والسلع الضرورية.
ميزان المدفوعات عبارة عن رصد لحجم الأموال الداخلة إلى الدولة والخارجة منها، وينقسم إلى جزأين، الحساب الجاري الذي يندرج تحته الميزان التجاري، والجزء الثاني هو الحساب الرأسمالي. ويحدث الاختلال عندما لا تكون هناك موارد مالية في الحساب الرأسمالي لتغطية العجز في الميزان التجاري، الذي يحسب بطرح قيمة الواردات السلعية من مجموع الصادرات السلعية والخدمية. لذا تأتي فائدة الدعم الذي تلقته الجمهورية اليمنية في أنه يستخدم في تقوية الوضع المالي للحكومة اليمنية عموما، وإلى تطوير القطاع المالي والمصرفي خصوصا، مع التركيز على تعزيز دور القطاع اليمني الخاص ليتمكن من دعم مسيرة التنمية الاقتصادية المستدامة في البلاد.
صندوق النقد العربي يمارس أدوارا مشابهة لما يقوم به نظيره العالمي "صندوق النقد الدولي"، حيث يقدم عدة أصناف من الدعم المالي والفني للدول الأعضاء، وذلك بضوابط وشروط معينة. فهناك تسهيلات مالية تقدم للدول الأعضاء للمساعدة على تمويل ما لديها من عجوزات مالية، وهناك عمليات تنسيق للسياسات النقدية للدول الأعضاء، إلى جانب العمل على تحرير المبادلات التجارية وتشجيع حركة انتقال رؤوس الأموال بين الدول الأعضاء.
ومن أهم المبادئ التي يلتزم بها الصندوق في ممارسة عمله مع الدول الأعضاء مبدأ تحقيق العدالة وتكافؤ الفرص بين الدول الأعضاء فيما يقدمه من تسهيلات تتناسب مع حجم اكتتاب العضو في الصندوق، وفي الوقت نفسه يتأكد الصندوق من قدرته على الحفاظ على موارده المالية ليتمكن من الاستمرار في تقديم الدعم. لذا يقوم الصندوق بالاتفاق مع العضو الذي يتحصل على قرض من الصندوق على برامج تصحيحية مناسبة في الحالات التي تنص عليها الاتفاقية، بحيث يكون هناك برنامج إصلاح هيكلي مناسب يشرف الصندوق على متابعة تنفيذه.
تجدر الإشارة إلى أن هذا الدعم الذي تلقته الجمهورية اليمنية تم عن طريق صندوق النقد العربي برعاية سعودية، إلا أن هناك عديدا من برامج الدعم والمساعدة التي تقوم بها المملكة بشكل مباشر، وأهمها برنامج الملك سلمان بن عبدالعزيز لإغاثة اليمن والشعب اليمني، وافتتاح المدارس والمستشفيات في مختلف محافظات اليمن، وآخر دعم كبير كان في شهر أبريل الماضي حين قدمت المملكة دعما عاجلا للاقتصاد اليمني بمبلغ ثلاثة مليارات دولار بالتعاون مع الإمارات، جزء من الدعم عبارة عن دعم للبنك المركزي اليمني، وجزء موجه إلى صندوق دعم شراء المشتقات النفطية ومشاريع تنموية أخرى.

إنشرها